المقال الذي احتل هذه المساحة الأحد الماضي وعنوانه «قرار بتجميد العمل السياسي» والذي أيدت فيه دعوة وزير إماراتي للتفكير في اتجاه الاهتمام بالاقتصاد بدلاً عن السياسة لبضع سنين والنظر بعد ذلك في النتيجة، هذا المقال استفز بعض القراء فحظي بعدد من التعليقات المهمة اخترت منها تعليقين وجدت أن من المناسب أن أطلع القراء عليهما كون كاتبيهما ينظران إلى الموضوع من زاوية مختلفة. التعليق الأول للصحافي المخضرم عبيدلي العبيدلي حيث كتب: «أخالفك الرأي في دعوتك لمقاطعة السياسة، فهي نشاط إنساني راق أثبتت التجارب البشرية حاجة الإنسان له من أجل تحقيق التطور والنمو الذي يطمح له ذلك الإنسان. وعندما يكون هناك خطأ أو خلل في التطبيق، في مرحلة قصيرة وفي نطاق جغرافي ضيق، فمن الخطأ أن يقودنا ذلك إلى التعميم الذي ربما يقودنا نحو طريق أسوأ من الذي نسير نحن فيه. آفتنا الحقيقية هي التخلف وهي سبب تخبطنا السياسي، والأمر يشمل النظام السياسي بكل مكوناته».أما التعليق الثاني فكان للقارئ سليمان الذي يبدو أنه من الإمارات، كتب تعليقاً طويلاً ولكنه مهم.. «أعتقد بأن ترك العمل والنشاط السياسي أو حتى الاهتمام السياسي مستحيل في ظل وجود قناعة عامة بأن صلاح السياسة يؤدي إلى صلاح باقي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وغيرها، فالبلد المستقر أمنياً والمتفاهم سياسياً أقرب لتحقيق التنمية والازدهار، ولكن الحل في نظري ليس ترك السياسة بل توحيد الرؤية والمشروع السياسي عبر صبغها دائماً بالأهداف الوطنية العليا التي تصب في صالح المجتمع ككل، والتفكير خارج الصندوق، وزيادة الاهتمام بالأنشطة الأخرى مثل التكنولوجيا والعلوم والإنتاج والتطوير المؤسسي، بدليل أننا في دولة الإمارات نشهد استقراراً أمنياً وسياسياً -والحمد لله- أدى إلى تسارع التنمية والازدهار ومع هذا اتجهنا مؤخراً -وقبل الأحداث العربية- إلى البدء في مشروع التمكين السياسي المتدرج والمتوازن والمتناسب مع قيم وظروف ومصالح المجتمع».وأضاف: «البحرين في نظري تحتاج بالإضافة إلى العلاجات الرئيسة للأزمة (الاتحاد الخليجي - تطبيق القانون - إرساء العدالة والحقوق - تحسين أداء البرلمان - مكافحة الفساد - تطوير الخدمات - تعزيز التعايش والوحدة الوطنية - دعم الحراك الشبابي..) تحتاج بالإضافة إلى هذا تحسين نموذج القيادة (من خلال تعزيز قيم التواضع والبساطة والتواصل وكسر تعقيدات البروتوكول والبيروقراطية - تعزيز الاهتمام القيادي بمعيشة وسعادة المواطنين)، وتحتاج أيضاً تنشيط قطاعات بعينها كالعلوم والتقنية واقتصاد المعرفة، وتحتاج أيضاً إلى تعزيز قيم التنافس الداخلي والخارجي الشريف، لأن أي مجتمع يحركه دافع التحدي والصراع فبدلاً من أن يكون تحدياً سياسياً طائفياً فليكن التحدي الأهم لدى أهل البحرين هو أن تكسب البحرين من خلال جوائز التميز الداخلية للتحفيز، ومن خلال وضع أهداف وطنية لتتبوأ البحرين مراكز متقدمة عالمياً في مجالات مختلفة، ونحن في الإمارات نجحت لدينا هذه التجربة الصادقة والوطنية، من خلال التركيز على سعادة المواطن وتفوق الوطن، عبر تواضع وتواصل القيادة وعبر تطبيق المعايير العالمية في المؤسسات، وفقكم الله وحفظ بلدكم الشقيق وبدل حالكم إلى خير حال تحت القيادة الرشيدة والشعب الكريم والبلد الطيب الأصيل».رأيان أضافا أبعاداً مهمة للموضوع المطروح يشكر كاتباه عليهما، والشكر موصول إلى القراء الآخرين الذين شاركوا بتعليقاتهم وكلها ثرية. وبالتأكيد أعرف أن من المستحيل التوقف عن الانشغال بالسياسة والاشتغال بها، فالسياسة ليست علبة نركنها جانباً لنفتح علبة الاقتصاد أو غيرها فالترابط بينها يحكم ولكن كان الهدف مناقشة الفكرة التي تفضل بها الوزير الإماراتي الذي أعتقد أنه هو الآخر لم يكن يقصد ركن السياسة جانباً وإنما إعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية باعتبارها أساس التطوير والتنمية.
Opinion
تعليقات مهمة على «تجميد السياسة»
24 أكتوبر 2014