هل اختلفت فعلاً البرامج الانتخابية للمترشحين البرلمانيين منذ الاستحقاق الانتخابي الأول في العام 2002 وحتى الآن؟لا أعتقد ذلك؛ بل معظم البرامج الانتخابية دائماً ما تتكرر في أطروحاتها، ومشاريعها وبرامجها، وبعضها لا يصل إلى مستوى البرنامج الانتخابي بقدر ما هو مجموعة من الشعارات الإنشائية المتكررة.هناك بالفعل إشكالية لدى المترشحين دائماً تتعلق ببرامجهم الانتخابية، فبعضهم يعتقد أن الشعارات التي يطرحها هي البرنامج الذي يفترض أن يسعى إليه، وبعضهم ينسى برنامجه الانتخابي بعد مرور أربع سنوات من العمل البرلماني الشاق. نتفهم جيداً أن أولويات الناخبين لم تتغيّر كثيراً منذ أكثر من 10 سنوات، فما زالت تتمثل في ثلاث، وهي؛ معالجة الأزمة الإسكانية، وتحسين مستوى المعيشة، وتطوير مستوى الرواتب في القطاعين العام والخاص. ولكن المسألة ليست مرتبطة بطرح الأولويات وتكرارها، بل مرتبطة بما يمكن أن يقدمه المترشح من حلول وآراء وتصورات لتتناسب مع الأولويات وتساهم في تحقيقها فعلياً. فتشخيص المشاكل العامة ليس صعباً، ولكن الصعب هو كيفية تقديم الحلول الناجعة لمعالجتها بشكل منطقي وواقعي. واستمرار طرح الأولويات نفسها كل أربع سنوات يعني أن هناك خللاً في عمل البرلمانيين لأنه لم يحقق بعد ما يتطلع إليه الناخبون الذين اختاروهم ليكونوا ممثليهم تحت قبة البرلمان. جزء من المشكلة أن النائب الجديد عندما يصل إلى عضوية البرلمان ينشغل كثيراً بمسائل عديدة بعضها الكم الهائل من التشريعات والأنشطة الرقابية في برلمان مازال محدوداً من ناحية العمر الزمني. بالإضافة إلى انشغالات أخرى تتعلق بالمسائل الشخصية والخدمات التي يطالب بها المواطنون في مختلف الدوائر والتي حوّلت النواب إلى «نواب خدمات»، رغم أنها ظاهرة طبيعية في مجتمع مازال في مراحله الأولى من التحول الديمقراطي الذي يستغرق فترة زمنية طويلة عادة. المشكلة نفسها بحاجة إلى آليات جديدة ومبتكرة داخل المجلس النيابي، ويمكن تحقيقها بسهولة بعد الانتخابات مباشرة، بحيث يتم إجراء مشاورات نيابية واسعة النطاق بين جميع الأعضاء واختيـــار الأولويـــات الرئيســــة، ومن ثم اختيار البرامج العملية لتنفيذها بالتنسيق مع الحكومة، ويتم وضع مؤشرات قياس دقيقة، وتوضع هذه العملية كلها بشفافية أمام الرأي العام ويتم تسويقها إعلامياً، كما هو الحال بالنسبة إلى الكثير من المشاريع التي تقوم بها بعض الوزارات ويتم عرضها إعلامياً عبر المواقع الإلكترونية لهذه المؤسسات لإطلاع الجمهور بمستوى الإنجاز. بهذه الخطوة يمكن تحويل البرامج الانتخابيــــة للمترشحيـــن أو النـــــــواب المستقبليين إلى برامج ومشاريع عملية مع إمكانية تحقيق الرقابة الشعبية عليها، ويتم تجاوز من لم يصل برنامجه الانتخابي إلى مستوى البرنامج لأنه سيشارك في تحديد الأولويات التي ستعرض على الجمهور مع تحديثاتها خلال أربع سنوات.
Opinion
المترشح عندما ينسى برنامجه الانتخابي
29 أكتوبر 2014