ما تفضل به رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة أخيراً بعد انعقاد قمة التعاون الخامسة والثلاثين في الدوحة يحتاج إلى وقفة. سموه قال «إن التكامل الاقتصادي والسياسي والعسكري الخليجي يسرع في قيام الاتحاد الخليجي»، و»هذا الاتحاد الخليجي تتطلع إليه شعوب دول المجلس»، وأكد أن «نجاح القمة الخليجية في الدوحة جاء معززاً لهذا التوجه» وأن «دول المجلس قادة وشعوباً لا تختلف على وحدة المصير وتتفق على أن مجلس التعاون هو الكيان الذي يحفظ شعوبها ويحمي مصالحها».أمران آخران حرص سموه على بيانهما وتأكيدهما هما أن «الظروف التي تمر بها المنطقة تجعل من الاتحاد ضرورة للتعامل معها» وأن «القيادة العسكرية المشتركة والشرطة الخليجية ستكونان دعائم لتثبيت ركائز الأمن والاستقرار في دول المجلس وستكون النظرة للتحديات الأمنية جماعية مما يسهل من حلها». جمل قصيرة لكنها اختصرت مسيرة مجلس التعاون وواقعه ومستقبله وشرحت الغاية من مشروع التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد التي اقترحها خادم الحرمين الشريفين وبينت أهمية القرارات التي تم اتخاذها في قمة الدوحة، والتي تصب في كل الأحوال في هذا التحول الآتي لا محالة والذي يحمي استقرار دول التعاون الستة من المتغيرات المتسارعة التي تجوب بالمنطقة وتهدد أمن دول وشعوب التعاون.من يتابع تصريحات صاحب السمو عن مجلس التعاون يلاحظ مدى حماسه لمشروع الاتحاد الخليجي، فسموه يؤكد على أهمية هذا المشروع في كل لقاءاته بالمسؤولين والمواطنين في مجلسه العامر، بل إنه يتحدث أحياناً بحسرة ظاهرة عن تأخر تنفيذ هذا المشروع الذي يرى بما يمتلكه من خبرة وحنكة ودراية وسعة أفق أنه مستقبل هذه الدول وشعوبها وهذه المنطقة التي لم يعد الأمن والاستقرار متاحاً فيها إلا للكتل القوية اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً. من هنا جاء ثناء صاحب السمو على توصيات القمة في هذا الخصوص، ورأى أنها تدعم المنظومة الخليجية وتعزز مسيرتها المباركة وتضيء طريق المستقبل لهذه الدول والشعوب، فتوصية مثل إخضاع مشروع التحول إلى الاتحاد إلى مزيد من الدرس والبحث وإعطائه الأولوية تعني أن رغبة قوية لدى القادة قد تشكلت في هذا الخصوص من شأنها أن تدفع بالتعاون الخليجي نحو مزيد من الازدهار والتقدم، والذي يعود بالنفع والخير على أبناء دول مجلس التعاون، كما قال سموه في لقائه الأخير مع أمين عام مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الذي أطلعه على نتائج القمة. إخضاع مشروع الاتحاد الخليجي لمزيد من البحث والدرس يعني أن هناك تحفظات معينة أبداها القادة لأسباب معينة، لكنه يعني أيضاً أن هناك رغبة أكيدة في هذا الاتحاد وأسباب تدعو إلى سرعة الوصول إليه، فما تمر به المنطقة والعالم أجمع يدفع بقوة في هذا الاتجاه ويحث على تجاوز كل العقبات لتحقيقه في أسرع وقت ممكن. الاتحاد الخليجي كان حلماً يراود قادة التعاون وليس شعوبها فقط، فهو حلم مشترك ورغبة يلتقي عندها القادة وشعوبهم، يزيد منها ويعجل من تحقيقها تطور العقل الخليجي وإيمان الجميع بأن في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف، خصوصاً في هذا الزمن الذي لا يحسب فيه العالم أي حساب للضعفاء.إن خطوات مثل القيادة العسكرية المشتركة والشرطة الخليجية وغيرها في مجالات مختلفة من شأنها أن تعجل بترجمة هذا المشروع الحلم إلى واقع، يعين على ذلك أن الاتحاد المقصود هنا اتحاد كونفدرالي وليس اتحاداً فيدرالياً يستدعي التحول إلى جسم واحد في كافة التفاصيل. تعودنا في البحرين أن نظرة صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان لا تخيب وأن قدرة سموه على استشراف المستقبل تفضي إلى القرارات التي يعود نفعها على الجميع.