يقول أحد المعتقلين العراقيين لدى القوات الأمريكية في «أبو غريب»، كانت ساقي مكسورة جراء التعذيب، ثم جاء المحقق الأمريكي فركلها وأمرني أن ألعن الإسلام، فرفضت فانهال على الكسر ركلاً حتى لعنت ديني، ثم قال لي بعدها أشكر المسيح لأنك حي إلى الآن، وآخر يسأله الأمريكي أتؤمن بالله؟ فيقول له نعم، فيجيبه أما أنا فلا أؤمن إلا بالتعذيب وسوف أعذبك، يقول أحدهم عندما يحين وقت الطعام كانوا يأتون به ويلقونه في دورات المياه ويلوث بالقذارة ثم يجبروننا على أكله، وفي شهر رمضان ضرب مبرح واغتصاب للمعتقلين ومجندات يمتطين ظهر المعتقلين العراة بطريقة تشبه طريقة امتطاء الحيوانات ويصورون ذلك ويضحكون فيما بينهم، بعد كل ذلك تخرج علينا أمريكا لتقول التطرف الإسلامي.مناسبة هذه الشواهد والقصص هو تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي الذي نشرته مؤخراً، والذي تحدث محتواه عن استخدام وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وسائل التعذيب خلال استجواب المعتقلين في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، هذه الممارسات كان لها أثر آخر، فما ظنكم بمن يتعرض لأنواع التعذيب هذه، فإما أن يخرج بمرض نفسي أو يضع الانتقام نصب عينيه ويكفر كل من يعترض طريقه، وهكذا كانت نشأة التكفير في العصر الحديث، حيث نشأت في السجون، أما داعش أو الدولة الإسلامية كما هو اسمها اليوم لم تنشأ هكذا فجأة دون مقدمات، كما إن الفكر الذي تحمله مر بمراحل عبر التاريخ حتى وجد له ظروفاً وبيئة مناسبة في عصرنا الحالي ليظهر بقوة من جديد، وصار الحديث عن نوعين من التشدد، الأول تشدد القاعدة الذي اعتبر خفيفاً قياساً بالتشدد الثاني الذي تمارسه «داعش».لا شك أن التكفير صناعة ومصانعها السجون والمعتقلات التي تمتهن فيها كرامة الإنسان، وما المعتقلات التي استخدمتها الـ CIA إلا أكاديميات لصناعة التكفير، وكثير من حملات الاعتقالات لم تكن بطريق الخطأ لكن القصد أن يلقوا بشباب في السجون ليختلطوا بمعتقلين أو ربما مجندين لمخابرات دولية بصفة معتقلين ليتلقوا هذا الفكر، وبصناعة التكفير يحصل صانعها على سلاح يصل إلى عمق المجتمع الإسلامي ليعمل هذا السلاح في كل بيت فيكفر الأخ والأب والأم وقد يقتل تقرباً لله عز وجل.أرادت أمريكا من هذه الصناعة أن تقدم للعالم صورة خاصة عن المسلمين تدفع باتجاه معاداتهم وتقبل فكرة الحرب عليهم بحجة دفع خطر الإرهاب عن العالم، لكن على أرض الواقع أمريكا تركت أكثر هذه المعتقلات وأصبحت من الماضي إلا معتقل غوانتنامو وقد يكون لها معتقلات أخرى في أفغانستان، فهل خلفت بعدها في الدول التي احتلتها من ينوب عنها في المهمة؟ جواب هذا السؤال سيكون المقال اللاحق.
Opinion
الصندوق الأسود الأمريكي.. مصانع التكفير
20 ديسمبر 2014