نبارك لمعاليكم إعادة تكليفكم بمهام وزارة الصحة، وما تم ذلك لو لم تكونوا أهلاً لهذا المنصب الحيوي الحساس الذي يمس كل شرائح الوطن، فنتمنى لكم التوفيق والسداد في خدمة البلاد والعباد.معالي الوزير حفظكم الله.. أرجو أن يتسع صدركم لما سنعرضه من مشاهدات واقتراحات عن أداء وزارتكم الموقرة للدورة المنصرمة.فمازالت برامجها لم تلب طموح المواطن، ولا أريد أن أغمط حق كادرها الإداري والطبي والفني والجهود المضنية بالسعي في تقديم ما يستطيعوه من خدمات صحية وعلى مدار الساعة.مستشفياتنا ومراكزنا الصحية متميزة في جانب الرعاية الصحية، لكنها متواضعة في الرعاية العلاجية، علماً أن الرعاية الصحية تمثل جانباً مهماً والعلاجية شقاً آخر ذا أهمية قصوى في عالم الطب.بات البعض منا ينتابه الحزن والدوار إن علم أنه أو من يعولهم بحاجة إلى تدخل جراحي للعمليات الكبرى، أو أنه قد ابتلي بمرض مستعص كالسرطان الفتاك وأمراض الجهاز العصبي أو الدوري والأمراض الباطنية -عافاكم الله- أو حالات العقم أو تعرض أحدهم لحادث مؤسف، فأول ما يتبادر لذهنه هو إعداد تقاريره وفحوصاته ومفاتحة المواقع الصحية المعروفة في بعض الدول العربية منها والعالمية، وهذا هو ديدن ميسوري الحال، أما من قدر عليه رزقه فإما يرهق نفسه بديون وقروض ويعلل نفسه أن صحته وصحة من يعولهم لا تقدر بثمن أو يستسلم لقدره ويفوض بعد الله لمصير مبهم أمره.هذه الحالة المتصاعدة بحاجة لإعادة دراسة وتحليل وتقييم.فالبحرين ليست أقل شأناً من تلك الدول التي ينشدها المواطن، فنتمنى على سعادتكم أن تنهضوا بالواقع العلاجي وتجعلوه متميزاً، علماً أن مسيرة وزارة الصحة حافلة بالكثير من الإنجازات والإبداعات، حيث إن هنالك حالات من التدخلات الجراحية والمتابعات العلاجية جرت لمرضى ممن من الله عليهم بالشفاء أثبتت الكفاءة والتميز لكوادرنا الطبية.فكما نجحتم وتميزتم في إدارة ملف الرعاية الصحية فنأمل منكم أن تجعلوا البحرين قطباً وصرحاً صحياً يوفر الاكتفاء الصحي العلاجي لمواطنيه، فضلاً عن جعله موقعاً صحياً عالمياً يشار له بالبنان، وهو أيضاً من وجهة نظر اقتصادية موضوع استثماري ناجح يصب في تحسين اقتصاد المملكة.مشاهدة ورصد آخر أردت أن أضعه بين يدي معاليكم، فالضغط الحاصل على مستشفى السلمانية العريقة أرهق المراجعين والعاملين، فتبدأ رحلة المعاناة عند تحويل المرضى إلى قسم الطوارئ من المراكز الصحية، والتي للأسف بات بعضها عبئاً لا عوناً ورديفاً للمستشفيات الكبرى.فبعد انتظار لساعات للكشف الأولي يحول المريض للحالات الحرجة إلى الاختصاصي لتبدأ حلقة أخرى من المعاناة، خاصة إن تطلب التشخيص الأشعة المقطعية وبعض الفحوصات النسيجية والمختبرية المعقدة، فيتحتم على المريض الانتظار لأسابيع، وإن كان سعيد البخت لأيام ليعرض بعدها على الاختصاصي.أما الجانب الإنساني الآخر الذي عايشته قريباً هو ما حدث مع ابنتي، والذي لا يقل شأناً عن بعض حالات الطوارئ، ذلك هو ما تعانيه بناتنا وأخواتنا ممن من الله عليهن بحمل وعانوا شهوراً في تحمله ومشقته، ليفاجأ بعضهن عند تحويلهن بعدم توفر الأسرة ليضعن بعد طول انتظار مولودهن، خاصة اللواتي تتعسر ولادتهن ويحتجن إلى العمليات القيصرية!!! .معالي الوزير.. أطرح على سعادتكم متواضعاً بعض الحلول:- الإيعاز بتفعيل دور الطبيب الاختصاصي في المراكز الصحية لمعالجة الكثير من الحالات التي لا تستوجب التحويل، حيث نلاحظ أن الكثير من الأطباء العاملين في تلك المراكز يحذر أو ربما يتجنب معالجة الكثير من الحالات، وأغلبها بسيطة، وتجنباً للمسؤولية والإحراج يضطر إلى سلوك الطريق الآمن له بتحويله إلى طوارئ المستشفيات الكبرى.- توسعة وتطوير المراكز الصحية ورفدها بالاختصاصيين والسعي للرقي ببعض التخصصات التي لها وجود شكلي ومتواضع مثل العناية بالفم والأسنان وطب العيون والأنف والأذن والحنجرة، والتوجه لإنشاء صالات للولادة فيها دون العمليات القيصرية، وصولاً لإنشاء مستشفيات ولادة متخصصة بسعات مختلفة وموزعة حسب الكثافة السكانية مع توسعة القائم منها.- إن أحد أسباب الضغط الحاصل على مستشفى السلمانية هو مركزيتها وضمها لجميع الفروع والتخصصات، وهذا النوع من الشمولية ربما كان فاعلاً في حينه قبل ثلاثة أو أربعة عقود منصرمة، لكن بعد النمو السكاني لم تعد تلك المؤسسة العريقة وكادرها بمقدورهم مواكبة وتحمل ذلك الزخم، وهذا هو حال الكثير من المراكز الصحية العالمية التي عملت بذلك التوجه في الكثير من دول العالم، مما حدا بها إلى فصل التخصصات كلٍ على حده، فهنالك مستشفى للأورام السرطانية والأخرى خاصة بأمراض القلب وجراحته والأخرى للأمراض النسائية والأطفال والجملة العصبية وهكذا.. حيث تم تخفيف الضغط على المراجعين والعاملين وانعكس إيجاباً في تحسين الأداء.- دراسة إمكانية إنشاء مختبر مركزي يضم أيضاً أقساماً للأشعة والأشعة المقطعية وزرع الأنسجة في كل محافظة ترتبط به المراكز الصحية لكل محافظة.هذه بعض من مشاهداتنا ومقترحاتنا المتواضعة نعرضها على معاليكم ريثما تنهض هذه الوزارة العريقة بإشرافكم ببرامجها وخططها التطويرية، ولتكن خطة ثلاثينية بعيدة المدى وأن قيادتنا الحكيمة لا تألو جهداً في دعمها لوزارتكم الموقرة بعد إعداد المسوحات والمخططات ودراسات الجدوى التفصيلية الرصينة.
Opinion
تحت أنظار معالي وزير الصحة
22 ديسمبر 2014