فزع العالم يوم الثلاثاء الفائت حين شاهد كيف حرق داعش الإرهابي الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة بطريقة بشعة وقاسية، تخلو من كل أشكال الإنسانية، وفوق كل ذلك أصر داعش على أنه لم يندم على هذه الفعلة الجبانة والوقحة، مؤكداً أن ما قام به أتباعه هو تطبيق شرع الله.داعش وبكل تأكيد لا يريد عبر هذه الجريمة النكراء أن يجذب الناس أو يستميلهم نحو الإسلام، كما يدعي هو وكل أتباعه، كما ليس الهدف من جريمتهم تلك تطبيق شرع الله أو الاقتصاص ممن يرونه مخالفاً لمنهجهم الدموي، وإنما كانت عملية الحرق، ومن قبل كانت عمليات القتل البشع وسحل الأجساد وحز الرقاب وكافة طرق الذبح الإرهابية، كل ذلك لأجل ترهيب الناس منهم ومن قوتهم الباطشة، وكأن داعش يريد أن يقول للعالم من لم يطعنا باختياره فليس له خيار إلا الذبح.اليوم يجب على العالم أن يقف وقفة رجل واحد ضد هذا الكيان الدموي الغاشم، كما يجب توحيد الجهود لاستئصاله من الوجود، وإلا فإن الحرق والسحل وأكل الأكباد والذبح البشع سيطال ألف معاذ ومعاذ، ولن يوقفهم شيء سوى شلالات الدم ومقابر الجثث المتناثرة من أقصى الأرض إلى أدناها.آلة القتل الداعشية لن تكتفي أو تشبع بقتل رجل أو رجلين أو شعب بأكمله، فهي متعطشة لشرب الدماء وحرق المزيد من الأجساد، فمعاذ وقبله عشرات الآلاف من الذين قضوا على يد مغول العصر بطريقة لا تليق حتى بالحيوانات، بدؤوا يختبرون العالم عن مدى استعدادهم وجهوزيتهم للمواجهة والتحدي، وذلك حين ابتكروا وسيلة جديدة للموت القاسي عبر الحرق المقزز، ومن هنا يجب أن تكون ردود الأفعال الدولية والشعبية بمستوى الحدث المؤلم، وأن يستعد العالم كل العالم من الآن وصاعداً لمحاربة هذا السرطان الذي بدأ يستشري في جسد هذه المنطقة وبقية المناطق الأخرى دون مجاملة أو رأفة.من المهم كذلك أن تحارب الدول العربية وغير العربية كل من يقوم بدعم هذه الجرثومة القذرة، سواء بالسلاح أو الرجال أو المال، كما يجب محاسبة كل من يقوم بإعطائها الشرعية أو يمدها بالغطاء الشرعي، والأهم من كل ذلك يجب تكسير منابر المساجد التي تنطلق منها أفكار داعش، وحرق الكتب والمناهج التي تصنع من صغار هذه الأمة وحوشاً كواسر يخلون من الإنسانية فضلاً عن عدم وجود بصيص لضمير في دواخلهم.هنالك عشرات الجرائم البشعة التي ارتكبها داعش، أدناها واستنكرناها من قبل وبقوة، لكن يجب أن يكون استشهاد الطيار معاذ الكساسبة بمثابة القشة التي لابد أن تقصم ظهر بعير داعش وإلى الأبد.رحم الله الشهيد معاذ، وكل الشهداء الأبرار الذين قضوا على يد هذا التنظيم الذي جاء من رحم العدم، ومن رحم فكر أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه فكر ضلال ودم.
Opinion
حين يستشهد البطل واقفاً.. تحترق داعش
06 فبراير 2015