ليتسع صدر إدارة المرور وهي تقرأ هذه الأمثلة عن أحوال المرور في الشوارع وسلوكيات السائقين، والدور الذي ينبغي أن تمارسه هذه الإدارة التي لا ينكر أحد أنها تبذل جهوداً كبيرة وهي تتعامل مع هذا التوسع في الشوارع وفي أعداد السيارات واختلاف أمزجة سائقي المركبات بأنواعها. المثال الأول يراه الجميع عند تعطل الشوارع، وعلى الخصوص الشوارع السريعة، سواء لأسباب تتعلق بوقوع حادث مروري أو أعمال تخريب استمرأها البعض حتى صار مدمناً عليها، فما يحدث في هذه الحالة هو أن الكثير من السيارات تستخدم المسار المخصص للطوارئ والذي يقع في أقصى يمين الشارع، ويفترض ألا يستخدم إلا من قبل سيارات الشرطة والمرور والإسعاف والدفاع المدني، الأمر الذي يؤدي إلى ارتباك الشارع وزيادة الازدحام فيه وتعطل الجميع، وربما وقوع حوادث جديدة. ولأن هذا المشهد يتكرر في كل تعطل يشهده الشارع؛ لذلك يتوقع من إدارة المرور ألا تغض الطرف عنه وتوجد له حلولاً، ولعل أسهل وأسرع حل هو الاستفادة من الكاميرات المثبتة في الشوارع، حيث يكفي في هذا الخصوص التقاط أرقام السيارات المخالفة وإرسال المخالفات إلى أصحابها في نفس اليوم على عناوينهم وهواتفهم المحمولة، ومن ثم لن يجرؤ أحد على ارتكاب مثل هذه المخالفات إلا إن كان جيبه عامراً بالأموال ولم يتعب في كسبها. المثال الثاني يراه البعض الذي يستخدم طرقاً تصب في شوارع فرعية تفضي إلى شوارع رئيسة، حيث يصعب على مستخدمي هذه الطرق الدخول في الشارع الفرعي الذي تتوقف السيارات فيه بسبب وجود إشارات ضوئية في نهايته، والسبب هو أن بعض تلك السيارات تقف في الجزء الذي يمكن أن يتيح لهؤلاء الدخول في الشارع الفرعي ولغيرهم من القادمين من الاتجاه المعاكس الولوج إلى ذلك الطريق. وقوف سيارة واحدة في الشارع الفرعي أمام مدخل الطريق المتفرع منه يؤدي بالضرورة إلى تعطل الشارع كله وإثارة أعصاب الجميع وارتفاع أصوات أبواق السيارات، وهو ما يمكن ملاحظته في العديد من الأماكن التي ينطبق عليها هذا الوصف. أما الحل فبسيط أيضاً؛ ويكون بتثبيت كاميرا تلتقط رقم السيارة التي تشغل الحيز (المنفذ) والذي ينبغي تحديده بالخطوط الصفراء المعتمدة دولياً، والتي تعني أنه يمنع الوقوف في هذه المنطقة إلا إن كان الطريق سالكاً. هذا النوع من المخالفات ليس فيه ظلم للسائقين ولا تضييق لأن هناك مصلحة عامة وفائدة تعود على جميع مستخدمي هذه الشوارع. لكن ينبغي من إدارة المرور أن تكون حازمة أيضاً في مسألة تطبيق القانون على الجميع، فلا تستثني منه أحداً لأي سبب من الأسباب، حيث مساواة الجميع هنا يعين إدارة المرور على الضبط والتحكم في الشوارع بفرض أنظمتها فيها.لم يكن هكذا حال شوارع البحرين وحال المرور فيها قبل سنوات، ولم تكن أخلاق السائقين كأخلاقهم اليوم ولا صبرهم، وبالتأكيد لا يمكن القبول بمبررات من قبيل ازدياد أعداد السيارات واختلاف أمزجة السائقين وثقافاتهم وضيق الشوارع، وغير هذه من أسباب لأنها يفترض أن تكون خارج الحسبة، فالمطلوب من إدارة المرور تطبيق القانون والنظام، لأنها بغير هذا يمكن أن يساء إليها وتعتبر مقصرة، كما إن الدول الأخرى التي لا تشهد شوارعها مثل ما تشهد شوارعنا تكثر فيها أعداد السيارات ومستخدمو الشوارع والطرقات أيضاً وتمتلئ بالأمزجة المختلفة والثقافات واللغات المتعددة.القيام بحملات توعوية تسبق هذه الإجراءات المقترحة لو كانت مناسبة وعملية مسألة مهمة ولعلها تغني عن إعطاء المخالفات والعقوبات، وهذا يعني أن على إدارة المرور أن تستفيد من كل وسيلة إعلامية قديمة أو حديثة كي تحد من مثل هذه الظواهر والسلوكيات البعيدة عن التحضر وتقضي عليها.