وضعت الانتخابات أوزارها، وما شهدته البحرين خلال الأيام الماضية يفرز قراءات عديدة واستنتاجات بعضها واضح لا يحتاج لفك شفرات.أولا: بينت الانتخابات والمشاركة الشعبية التي بلغت نسبة 52.6% زيف ادعاءات الجمعيات الانقلابية وهزالها بين شارعها حتى، وكيف أن محاولة «التصفير» ارتدت عليها بعنف؛ إذ المشاركة كانت من قبل كل مكونات الشعب، رغم الترهيب والتهديد والوعيد، بالتالي البحرين هي من فازت ولا عزاء للحاقدين عليها.ثانياً: النتيجة التي أفضت لها الانتخابات النيابية بينت حجم الوعي الذي نما لدى الناخب البحريني، إذ التشكيلة الجديدة للنواب تفيد أولاً بعدم وجود أي نائب من الفصل التشريعي الأول في عام 2002، إضافة إلى وصول 30 وجهاً جديداً، ما يعني أن الناخب البحريني اليوم قادر على تغيير النائب الذي خذله، رغم استثناءات رصدت بوجود شرائح تدعم حتى نواباً خذلوا الشعب.ثالثاً: دخول عناصر شابة في التشكيل النيابي إثبات على أن القوالب الفكرية القديمة بدأت تتكسر، لدينا اليوم نائب أصغر من الأربعين، ولدينا شباب بفكر مواكب للتطورات المختلفة في كثير من المجالات، لدينا شباب هم يثبتون أن فارق السن ليس معياراً في تبوؤ المناصب.رابعاً: بان واضحاً تراجع سطوة الجمعيات السياسية، سواء أكانت جمعيات ذات تيار مدني أو تلك التي تمثل تيار الإسلام السياسي. نعم فازت بعض الشخصيات، لكن لم تصل الجمعيات بقائمتها الكاملة، وهذا له مؤشرات تبين بأن مزاج الناخب بات يقبل أكثر الشخصيات المستقلة التي لا تدخل ممثلة لجمعية أو تيار مع الاحترام للجميع والتأكيد على وطنيتهم وإخلاصهم للبلد.خامساً: الخسارة الفادحة لجمعية تجمع الوحدة الوطنية إضافة لائتلاف جمعيات الفاتح، وهي مسألة تستوجب بحد ذاتها قراءة متعمقة، إلا أن أبسط أسبابها يتمثل في عدم تقبل الناس من لم يتعهد في بداية عمله بحمل همومهم والتمثل بأصواتهم بأمانة، ثم يختفي عنهم ويتناساهم ولا يتذكرهم إلا حينما يحتاج هو لتعزيز موقعه بشأن مكسب سياسي كدخول البرلمان. لذلك كانت النتيجة متوقعة، إضافة لتقييم بعض الشخصيات التي تم الدخول بها للمعترك الانتخابي وتاريخها ورصيدها مع الاحترام للشخوص. هنا فقط ملاحظة نشدد عليها، بأن سوء أداء جمعية الوحدة جعل المتربصين بها يستغلون الوقف ويقرنون فشلها بالفاتح، أي يعنون التجمع الحاشد الأول والثاني خلال المحاولة الانقلابية والذي به وجه المخلصون لهذا الوطن رداً صارماً على من حاول اختطاف بلدهم. التشفي المغرض كان بإقران فشل الجمعية باسم الفاتح وتصوير خسارتها بـ«سقوط الفاتح»، وهنا التنويه اللازم، بأن الجمعية تمثل أعضاءها وإدارتها وهي ليست ممثلة لعشرات الآلاف الذين تجمعوا في ساحة الفاتح. الجمعية خسارتها تتحملها وحدها، لكن «سقوط الفاتح» أمر في «أحلام» كارهي الوطن ولن يتحقق، فالفاتح اسم اقترن بشعب البحرين المخلص، لا الجمعية التي ابتعدت عن الناس وانتظرنا ثلاث سنوات ليعود بعض أعضائها لرشدهم لكنهم لم يفعلوا.أخيراً: أثبتت انتخابات البحرين للعالم الغربي وللمتابعين بحيادية ونزاهة حقيقة الأمور في البحرين، أكدت بأن الغالبية في هذا البلد هم مع نظامها وقيادتها ومع الممارسات الديمقراطية والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله، وفي المقابل تقف مجموعة ضئيلة تكره هذا الوطن تحاول حرقه وترهيب أهله وتفبرك وتكذب في الخارج مقدمة صورة غير حقيقية، مجموعة لا يمكنها السيطرة حتى على شارعها، ولو كان العكس لنجحت في «تصفير» الصناديق التي لم تتصفر.الخلاصة تتمثل بأن الشعب البحريني اليوم يبدأ مشواراً جديداً مع أربعين نائباً ثلاثون منهم جدد. نواب قدموا الكثير من الشعارات والوعود، واليوم حان وقت العمل لتحقيقها، الشعب أكثر وعياً، وأكثر قسوة في المحاسبة والانتقاد، بالتالي نريدها أربعة أعوام تعوض كثيراً من الإخفاقات السابقة، نريدها أربعة أعوام يعمل فيها النواب بإخلاص من أجل الناس، نريدها أربعة أعوام تعزز الإصلاحات البحرينية في كثير من الجوانب.نبارك للنواب الواصلين، نتوسم فيهم حسن النوايا، نطالبهم بالعمل لأجل المواطن وهمومه، ونعدهم بأن أقلامنا ستكون معهم في الخير، لكنهم ستكون عليهم إن خيبوا الظنون.
Opinion
الشعب.. و«الأربعين نائب»!
01 ديسمبر 2014