مع انتهاء الانتخابات النيابية والبلدية صار لدينا مجلس نيابي وفصل تشريعي رابع، وصار لدينا مجالس بلدية ستمارس مهامها في التو والحال. وفي هذا الشهر الذي هو بالنسبة للبحرين وأهلها شهر خير وبركة، ويطلق عليه اسم «ديسمبر الخير»، وسيتم تسمية أعضاء مجلس الشورى الجديد وأعضاء الحكومة الجديدة، وفيه نحتفل بعيد جلوس صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبالعيد الوطني المجيد. يضاف إلى كل هذا بدء الانتقال إلى المرحلة الجديدة من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والتي يمكن أن نطلق عليها مرحلة الحصاد، فاستناداً إلى تصريحات القيادة في الفترة الأخيرة فإن المرحلة الجديدة التي تبدأ مع اكتمال كل هذه الخطوات التنظيمية والتغييرات ستشهد الكثير من المنجزات التي من شأنها أن تغير الكثير في حياة المواطنين وترتقي بها. مكونات هذا المشهد الجميل يفترض أنها تعين «المعارضة» على الدخول في المساحة التي تخوفت كثيراً من الدخول فيها في الفترة السابقة لسبب أو لآخر، فهذه المكونات تشجع كل مشتغل بالسياسة على محاولة الاستفادة منها طالما أنه يقول إنه إنما يعمل لصالح الوطن والمواطنين، ذلك أن كل هذه الخطوات التي اتخذتها وستتخذها الدولة هي من أجل الوطن ومن أجل المواطنين. المرحلة الجديدة تتطلب فكراً جديداً وتتطلب الإفلات من القيود التي قيدت «المعارضة» نفسها بها أي أنها تتطلب شيئاً من الجرأة ومعرفة أنه في العمل السياسي لا يمكن الحصول على كل ما تود الحصول عليه دفعة واحدة أو في مرحلة واحدة، فالظروف أحياناً تحتم تأجيل بعض المطالب حتى تكون مناسبة ومهيأة لتحقيقها، فالسياسي الحق يأخذ الممكن ويطالب بالمستحيل ولكنه لا يقطع الخيوط مع الآخر الذي لا بد له من التعامل معه.لا يمكن لـ «المعارضة» أن تستمر في «ركوب رأسها» لأن هذا الأسلوب يحيدها عن الطريق ويخسرها الكثير، وليس من سياسي في العالم يقول إنه بهذا الأسلوب يمكن تحقيق المكاسب، فهناك دائماً أخذ وعطاء، وهنا دائماً تنازلات وإن كانت صعبة وقاسية، فليس منطقاً أن تطالب «المعارضة» الحكومة بتقديم التنازلات بينما هي تكتفي بالأخذ، فكما إن على الحكومة أن تقدم تنازلات تسهم في تقريب المسافات وتوصل إلى الحل والخروج من المشكلة، كذلك فإن على «المعارضة» أن تقدم تنازلات تسهم في تحقيق الغرض نفسه. المرحلة الجديدة فرصة لـ»المعارضة» لاختبار قدراتها وتوظيف ما اكتسبته من خبرات وإلا تكون قد حكمت على نفسها بالفناء لأن الدولة ستمضي في تنفيذ خططها المؤدية إلى الارتقاء بحياة المواطنين وبالوطن ولن تلتفت إلى من يقرر الانزواء ريثما تتوفر ظروف أخرى. كثيرة هي المشاريع التي تعتزم الدولة تنفيذها في المرحلة الجديدة، ذلك أنه لم يعد أمام الدولة سوى خيار العمل بأقصى طاقتها كي تعوض عن الفترة التي تعطلت فيها الحياة بسبب إخفاق «المعارضة» في قراءة الواقع قراءة دقيقة وإخفاقها في الاستفادة من الفرص التي سنحت. عدم مشاركة «المعارضة» في الانتخابات النيابية والبلدية كان خطأ كبيراً، ودعوتها لمقاطعة هذا الاستحقاق والتحريض على ذلك كان خطأ أكبر، واستمرارها في ارتكاب الأخطاء الكبيرة يقلل من شأنها لدى الجمهور ويخسرها الكثير، خصوصاً في الخارج الذي سيعتبر أنها تضمر أمراً وأنها مسيرة من قبل جهات معينة. إن كانت «المعارضة» جادة وتريد بالفعل أن ترتقي بحياة المواطنين وتخدم الوطن فعليها أن تستفيد من معطيات المرحلة الجديدة وتتفاعل معها وتفك الارتباط بالأحلام التي لا تتناسب مع المشتغلين في السياسة ولا توصلها إلى مفيد وتستغل الفرصة لتعود إلى حيث يمكنها فعل كل هذا، فمن دون الحكومة لا تستطيع أن تقدم ما ينفع المواطنين ويصير كل فعلها زبداً.