أولئك الذين اتخذوا موقفاً سالباً من الانتخابات وقرروا عدم المشاركة فيها؛ لماذا لم يكتفوا بذلك فعمدوا إلى اختطاف الشوارع في سبتي الانتخابات والإعادة ودخلوا في مواجهات مع رجال الأمن الذين تعاملوا معهم حسب مقتضيات القانون؟ من تابع ما تم نشره من أخبار عن تلك المواجهات لابد أنه تساءل عن سبب عدم الاكتفاء بالمقاطعة والحرص على «التعبير» بتلك الطريقة غير المفهوم الغرض منها، خصوصاً وأنهم يعرفون مسبقاً أنهم لن يحققوا أي مكاسب من خلالها، بل على العكس ستسيء لـ «المعارضة» وستظهرها بمظهر من يبحث عن حجة لينشر الفوضى ويمارس أعمال التخريب. ما حدث في السبتين الأخيرين لم يكن معقولاً ويصعب استيعابه ، فمقاطعة «المعارضة» للانتخابات يراد منه تسجيل موقف وتوصيل رسالة، وهذا حق لها ويمكن اعتباره بطريقة أو بأخرى جزءاً من العمل السياسي، لكن السعي إلى التخريب ونشر الفوضى ومحاولة إعاقة الانتخابات بالتحريض ضد المشاركة فيها وتخويف المواطنين وتهديدهم وصولاً إلى الاعتداء على المترشحين وعلى الأملاك العامة والخاصة واختطاف الشوارع بإشعال النيران في إطارات السيارات ومحاولة الوصول إلى حيث كان الدوار والدخول في مواجهات مع رجال الأمن، كل هذا يحتاج إلى تفسير وبيان من هذه «المعارضة» التي صار المرء يشكك فيما إذا كان قرارها بيدها أم لا، لأنها المتضرر الأول والأكبر من هذه الممارسات، ذلك أن العالم يشاهد ويتابع كل هذه السلوكيات الخاطئة ولا بد أنه يتخذ موقفاً من ممارسيها. الجانب الآخر من المشهد هو ذلك الدفاع المستميت عن ممارسي تلك السلوكيات من قبل أناس يرفعون شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فلا يترددون عن القول بأن الاعتداء على الناخبين والمترشحين ومحاولة تخريب الانتخابات «حق» وأنه يدخل في باب التعبير عن الغضب أو عدم الرضى. هذا أيضاً يسيء إلى «المعارضة» لأنه يظهرها على أنها تكيل بمكيالين، فلا يمكن القبول بالقول إن من حق المواطنين عدم المشاركة في الانتخابات وفي نفس الوقت القول إن من حق المقاطعين للانتخابات التخريب على المشاركين يومهم وفرحتهم وقرارهم، لأن هؤلاء أيضاً يمارسون حقهم. قرار عدم المشاركة في الانتخابات وإن كان سلبياً يظل حقاً للمواطن، لكن قرار المشاركة في الانتخابات حق أيضاً للمواطن لا يقبل من «المعارضة» أن تسلبه إياه، فالطبيعي هو أن يشارك المواطن في هذا الاستحقاق الذي استمر شعب البحرين يطالب به سنين طويلة وضحى من أجله بالكثير حتى ناله. كل الممارسات التي قامت بها «المعارضة» في سبتي الانتخابات لم تكن في صالحها وستسيء إليها لأنها ممارسات خاطئة ولا يمكن لأحد أن يقول عنها غير هذا بما فيها المنظمات الحقوقية العالمية التي لا بد أن عينيها تريان أخطاء «المعارضة» أيضاً، وطالما أن الدولة احترمت قرار «المعارضة» بعدم المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها فإنه كان ينبغي من هذه أن تحترم قرار المشاركين في الانتخابات حتى وإن كانوا ممن تعتبرهم في جيبها فلا تسمح لنفسها أو لمن هو محسوب عليها أن يفعل ما فعل في السبتين. ما حدث في ذينك اليومين ينبغي أن يكون سبباً لتراجع «المعارضة» أحوالها ومواقفها وتراجع علاقتها بمن يقوم بممارسة تلك السلوكيات لأنها تسيء إليها وتضعها في زاوية صعبة، فليس مقبولاً سكوتها عنها وليس مقبولاً دفاعها عنها، فـ «المعارضة» التي تسكت عن الخطأ وتدافع عنه تسقط من أعين الجميع ولا يكون لها وزن لدى المنظمات الحقوقية حتى تلك المتعاطفة معها والتي تعتبر كل ما يصله منها حقائق لا تقبل التشكيك، فالخطأ خطأ ولا يمكن أن يقال عنه إلا أنه خطأ، وما حدث في السبتين الماضي والذي قبله خطأ كبير جداً
Opinion
عن أحداث السبتين
02 ديسمبر 2014