«أسفرت انتخابات مجلس النواب في البحرين عن وصول 13 شيعياً و27 سنياً إلى البرلمان»؛ هذه العبارة السخيفة اهتمت جمعية الوفاق وآخرون معها بترويجها بغية القول إن التوزيع الجديد للدوائر طائفي، وأنه تم إنتاجه بطريقة تضمن ألا تزيد المقاعد التي يحتلها النواب الشيعة عن هذا العدد بغية ضمان غالبية سنية موالية توفر الاطمئنان للحكومة وتتأكد من أنها هي المسيطرة على المجلس وليس نواب الشعب. فات على الوفاق ومن معها أنها تعتبر كل من ترشح للانتخابات النيابية والبلدية موالياً وحكومياً وسلطوياً و«خارجاً عن الملة»، أي أن كل النواب الشيعة لن ينفعوا المواطنين الشيعة حسب المنظور الوفاقي، وفات عليها أيضاً أن الدولة لا يهمها مذهب ودين وأصل وفصل ولون النائب ولا أي شيء من هذا القبيل أو غيره، وفات عليها كذلك أن من يدخل مجلس النواب ينبغي أن يعمل للوطن ولجميع المواطنين بغض النظر عن كل شيء، وإلا اعتبر مقصراً وخائناً للأمانة ولا يعرف الدور المنوط به.فاتها وفاتهم أن المواطن البحريني لا يهمه كذلك دين ولا مذهب ولا أصل ولا جنس ولا لون النائب الذي وصل إلى المجلس عبر انتخابات تشريعية، وأنه لا يقبل منه أبداً أن يكون ممثلاً لطائفته أو متحدثاً باسمها أو مدافعاً عنها دون غيرها، فالنائب الذي وصل إلى البرلمان وهو يحمل مثل هذا التفكير لن يجد الاحترام ولا التقدير من المواطنين جميعاً، وسيكون منبوذاً وغير مرحب به أينما حل.من هنا لم أتردد عن استخدام كلمة «سخيفة» لأصف بها تلك العبارة لأنها بالفعل عبارة سخيفة ولا يمكن وصفها بأقل من هذا الوصف كي لا تظلم، ذلك أن من السخف أن يكون تفكير أناس متعلمين يمارسون العمل السياسي ولهم تجربة في العمل البرلماني بهذا المستوى ويكون هذا منطقهم. ماذا أفعل أنا المواطن البحريني الذي انتخبت هؤلاء النواب في انتماءاتهم الدينية والمذهبية والفكرية؟ كل هذا لا يهمني، فما يهمني هو أن يعملوا من أجل الوطن وأن يشرعوا القوانين التي تفيدني وأن يدافعوا عني في المجلس ويحققوا لي المكاسب التي تعينني على تطوير حياتي ومعيشتي وتضمن مستقبلاً طيباً لأبنائي وأحفادي، وأن يمارسوا دورهم الرقابي. لا يهم المواطن إن كان هذا النائب يصلي مسبلاً أو متكتفاً، بل لا يهمه إن كان من الأساس يصلي أو لا يصلي؛ فالله سبحانه وتعالى هو من سيحاسبه ويجازيه. ما يهم المواطن هو عمل النائب ونشاطه وسعيه لخدمة الوطن والمواطن. عدا هذا لا قيمة له، وطرحه من قبل أي طرف فيه أذى للبحرين واسمها ومكانتها ويعتبره شعب البحرين إهانة له، فليس شعب البحرين الذي يفكر مثل هذا التفكير وليس هذا مستواه أبداً. أتفهم أن تضمّن بعض وكالات الأنباء الأجنبية أخبارها عبارات طائفية، فهذه لها أجندتها التي نعرف مراميها فتقول مثلاً قال النائب الشيعي وفعل النائب السني وألقي القبض على فلان المنتمي إلى هذا المذهب أو ذاك، وغير هذه من عبارات لا تقبلها آذاننا، لكن أن تأتي جمعية سياسية بحرينية ترفع شعارات يجد بعضها القبول من الجميع وتدعي أنها تعمل من أجل كل الشعب البحريني وتردد مثل تلك العبارات فقط كي تخرج ما في قلبها من ضغينة على الحكومة فأمر غير مقبول أبداً وعليها أن تتوقف عنه بل وتعتذر من شعب البحرين الذي يرفض هذه العبارات وهذا التفكير.أبداً لم يكن مناسباً أن تردد جمعية الوفاق مثل هذا الكلام لأنه يسيء إليها قبل أن يسيء إلى أحد. ترى ماذا سيكون ردها لو انبرى من يقول إن كل المترشحات اللاتي فزن بعضوية المجلس الجديد شيعيات؟!
Opinion
الملحوظة السخيفة
04 ديسمبر 2014