البلد يعيش عرسه الديمقراطي على وقع الانتخابات النيابية والبلدية؛ عرس يتميز كثير من أصحابه بأنك لم يسبق وأنك سمعت بأسمائهم أو طافت سيرهم أمامك بالخطأ أو كانت محور حديث للشباب أو كبار السن؛ إلا قليل منهم، لأن الحال لا يخلو من العدم.عرس!! نعم إنه عرس بكل ما في الكلمة من معنى؛ أليس الحال أنه كلما مررت بشارع مهما كبر حجمه أو ضاق ترى اللوحات الإعلانية للمترشحين بحلتها المبهجة منتشرة يميناً ويساراً؟ والأكثر من ذلك فالمزايدات واضحة جداً في حجم الإعلانات والألوان الجذابة والجمل الرنانة والمعادلات الحسابية وجمل الاستنكار لواقع الحال. فالأحلام والأمانات المدونة على هذه الإعلانات تشعرك للحظة أنك تعيش في المدينة الفاضلة، ومن جهة أخرى لكثرة ما يذكر من وعود وبنود تتخيل نفسك بأنك تعيش في بلد ناءٍ خال من التحضر والتمدن والعمران! فلا بد أن ينتبه كل مرشح لكل كلمة ينطق بها؛ فلا تكفي فقط الجمل الموزونة والأبيات الشعرية، رجاء فلا أحد يحق له الاستخفاف بعقول أهل البلد الراجحة ونظرات الشباب الواعية وأحلام الناشئة الصاخبة.لا أخفي عليكم كيف اعتراني كم كبير من الغبطة والفرح بالتعليقات التي قرأتها على مقال الأسبوع الماضي «على الوعد يا كمون»، فقد ذكر بأحد التعليقات؛ بأننا نريد مترشحين لديهم سيرة علمية وثقافية وقيادية أصيلة، وإن أي مترشح سبق وإن كان عضواً في المجلس السابق لا بد من أن يضع تقريراً أمام الشعب عن إنجازاته الحقيقية وليس فقط الرغبات والاقتراحات التي قدمها، وإنما ما قام به حقاً. وهذا فإنه يدل صراحة على المستوى الفكري والثقافي الذي يتمتع به أهل البلد.فصوتي هو ملكي ولكي أعطيك حقاً من حقوقي، لابد أن تقدم لي ما يستحق كي أتوجه إلى مراكز الاقتراع وانتخبك يا من فقط عرفتك من لوحة إعلانية أو صورة صامته في جريدة أو قلم استأجرته وسخرته لكي يخط لك العبارات الشعرية الرنانة التي تعزف وتراً حساساً على قلوب المحسنين إليك بصوتهم.لقد رأيت العجب من بعض أشخاص النواب؛ فلا يرضى أن يجلس في غرفة الانتظار مع المرضى، ولا يصعد في نفس المصعد، ولا يقدر أن يذهب إلى المجمعات بسبب الزحمة العامرة، وأنه لم يعد يتحمل فكرة الطلبات التي تهف عليه كلما قصد مجلساً أو قام بواجب فرح أو عزاء. يا سبحان الله! سرعان ما تبدل الموقف من متسول للأصوات من هذا وذاك إلى متكبر عنجهي أول ما يقوم به هو تبديل هاتفه النقال وهاتف البيت، أو من الممكن أن يبقى عليهم ولكن الأرقام موضوعة طوال الوقت خارج الخدمة.أنا أدرك تماماً أن النائب لا يحمل عصا سحرياً لتنفيذ الطلبات، ولكن هو من الشعب الذي لا يحق له أن يفكر يوماً بأن يتعالى عليه. لأنه كما للشعب الإرادة بأن يرفعك أيها المرشح المغمور المتطلع والمتأمل بامتيازات الرفاهية على جميع الأصعدة فإنه بإرادته أن يرجعك إلى حجمك الطبيعي.على المقلب الآخر يوجد نواب لايزالون يحملون راية هموم المواطن رغم قناعاتهم بتخليهم عن الكرسي النيابي، وفتحوا ملفات في السابق وكانوا سباقين لها ولكن لاتزال عزيمتهم قائمة في النضال لأجل الشعب والأرض.فمن يريد أن يقدم للشعب هو ليس بحاجة إلى كرسي وإنما يريد إلى فكر وثقافة يسير بها بقناعة أن الدين لله والأرض لا بد أن يتم خدمتها من الجميع من دون تمييز أو تفريق.فإن كنت تتمتع بهذه المواصفات فأنا سأكون أول الناخبين بإذن الله العلي القدير.
Opinion
أقنعني.. لأنتخبك
07 نوفمبر 2014