هل وصل تلفزيون البحرين إلى قمة التمييز في البرامج المحلية والسياسية وحتى التمثيلية؛ كي تقوم شؤون الإعلام بعمل دراسة إنشاء مدينة للإنتاج السينمائي للمبدعين الخليجيين والعرب؟ ثم هل ميزانية الدولة تسمح لتبني مثل هذه المشاريع في وقت لم تقم بذلك دول خليجية غنية؟ ثم هل الوضع الإقليمي وفي ظل حروب يشنها الغرب الصليبي والعدو الفارسي على دول عربية سقط فيها ملايين من القتلى والجرحى، لا زالت هناك عقول تفكر بإنتاج أفلام وصناعة سينما؟ ثم من قال إن ثقافتنا العربية على الصعيد الإعلامي في تراجع؛ كما أدعت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام؟ فاليوم لدى المشاهد البحريني والعربي ثقافة إعلامية تفوق تصور المشرفين على القنوات الفضائية والمشرفين على الإعلام في دولهم، وفي البحرين كذلك، حيث لدى المواطن البحريني الثقافة العربية والإسلامية التي جعلته يودع شاشة تلفزيون البحرين ويتجه إلى قنوات فضائية تشفي غليله وتشعره بكرامته التي سكبتها القنوات العربيــة والقنوات الخليجية التي أصبحت برامجهــا إما أغاني أو رقصاً أو مسلسلات تركية أو مسلسلات خليجية هابطة يخجل المرء من مشاهدتها.وإذا كان هناك ميزانية وأفكار مبدعة؛ لماذا لا زالت برامج البحرين يتطاير منها الغبار، سواءً أكانت حوارية أو سياسية أو ثقافية أو اجتماعية، كلها برامج جامدة بنفس المعلومة وبنفس الأسلوب وليس فيها أي جذب للمشاهد، ثم إذا كان هناك حماس لصناعة مدينة للإنتاج السينمائي للمبدعين الخليجين والعرب؛ لماذا لا يفتح تلفزيون البحرين المجال للمبدعين البحرينين من مقدمي برامج ومن معدين ومن مؤلفين؟ أم هناك مواصفات خاصة في المبدعين يجب أن تتوافق مع أهواء القائمين على شؤون الإعلام؟المواطن البحريني والخليجي العربي اليوم لا تجذبه برامج التسالي والمسابقات والأفلام والتمثيليات؛ بل أصبح يبحث عن البرامج السياسية والعلمية والدينية، وها هي مواقع التواصل الاجتماعي تشهد على هذا التوجه، وها نحن نرى عدد متابعي رجال الدين والسياسيين ذوي المصداقية يفوق الملايين، إذ إن المواطن الخليجي والعربي لا ينسلخ عن أحوال أمته التي يذبح أطفالها ورجالها ونسائها ثم يدير وجهه ليستمتع بمشاهدة فيلم غرامي أو برامج تسالي أو مسابقات في الأصوات الجميلة لولادة مطربين يزيدون الأمة رجعية وتخلف، ولا يترك ثقافته الإسلامية الزاخرة.نعم لدينا ثقافة إسلامية وصلت إلى مالطة والصين.. جزيرة مالطة التي يتحدث شعبها العربية، وذلك بعد أن وصلتهم الثقافة الحقيقية، لا ثقافة «هشك بشك»، كما لدينا من الشخصيات الإسلامية التي دونت سيرتها في كتب الغرب قبل الشرق وعكف المستشرقين على دراستها وجعلوها مدراس لهم من عبقريات حربية مثل عبقرية خالد بن الوليد وعبقريات سياسية مثل عبقرية عمر بن الخطاب، وعلوم طبية وفلكية وإعجاز علمي جاء في كتاب الله واليوم يكتشفها الغرب، فهل هذه برامج أخذتها في الاعتبار وزيرة الدولة لشؤون الأعلام عندما أعلنت عن دراستها صناعة مدينة للإنتاج السينمائي.ثم نأتي إلى ما ذكرته الوزيرة إن «.. الأخطر من ذلك أن صورة العربي لم تشهد سلبية مثلما تشهده اليوم من خلال وصفه بالإرهابي والرجعي والمتوحش»، نقول لها من يصف العربي بالإرهابي والرجعي والمتوحش هم صناع الإرهاب وأمهات الإرهاب دول الغرب وأمريكا، الذين يبيدون الشعب العربي في سوريا وفي العراق ويبيدون المسلمين في أفريقيا الوسطى وفي بورما وفي أفغانستان، فمن الإرهابيون والمتوحشون والرجعيون؟ أليسوا أولئك الذين يدكون المدن والقرى بقنابلهم وصورايخهم؟ أليسوا أولئك الذين يدكون المدارس والمستشفيات؟ أليسوا أولئك الذين يجرون حجاب المرأة المسلمة ويحرمونها من التعليم في دولهم؟ أليسوا أولئك الذين رسموا الشرق الأوسط الجديد لتفتيت الدول العربية والخليجية؟ ونأتي اليوم لنسمع بأن هناك دراسة لصناعة مدينة للإنتاج السينمائي، فأي إعلام هذا الذي يفصل المواطن عن أمته ويعمي عينه عن مصيره، والذي قد يصبح يوماً ويسمع أن هناك دولة خليجية قد سقطت، وقد تكون دولته، وهو منهمك في مشاهدة فيلم أو برنامج يسترجع فيه آدميته كي يقنع الدول الإرهابية بأنه ليس متوحشاً ولا إرهابياً ولا رجعياً.نقول هنا لمسؤولي الدولة إن المواطن البحريني قد زالت الغشاوة عن عينيه وأذهب الله الران عن قلبه، فهو اليوم يعيش مع أمته، وأمته اليوم في ضراء ولا يكشف ضراءها صناعة مدينة سينمائية، بل صناعة مدينة تعود للأمة مجدها الأول الذي وصلت فيه إلى الصين ومالطة، وهذا ليس بأمر صعب، وذلك عندما يفتح الإعلام أبوابه للمبدعين الذين يريدون أن يخدموا وطنهم وأمتهم بالكلمة التي منها تهد الجبال وتشيع الأمن والسلام والمحبة عندما تكون في رضى الله.