مسرحية جديدة رفع الستار عنها بعد «فوز» روحاني بالانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، وبدء التقارب الإيراني «مع العدو الأكبر الأمريكي»، وكذلك بدء المفاوضات في أكتوبر بشأن النووي الإيراني، إضافة إلى ذلك وهو الأهم ما تردد عن احتمال عقد لقاء رئاسي بين باراك أوباما وحسن روحاني، وهو الشيء الذي لم يتم منذ الثورة الخمينية، أي قبل ثلاثة عقود.فــي خضـــم هـــذه الحميميـــة الإيرانيـــة الأمريكية التي طرأت على الساحة فجأة، نجد أن الرئيس الأمريكي عاود مرة أخرى في خطابه الأخير وأقحم البحرين إقحاماً بين سوريا والعراق، متأسياً على الطائفية التي تعصف بهذه البلدان، والفاهم طبعاً يعرف أن إقحام البحرين وسط ما يجري في هذين البلدين هي أكبر جريمة سياسية يرتكبها أوباما بحق بلدنا المسالم.إن أوباما بهذا التقارب، يصعد حدة الحنق «البحرينـــي - الخليجـــي» علـــى الموقــف الأمريكي المتخاذل والمنحاز لإيران، فالفاهم يعلم جيداً أن إقحام ورقة البحرين بين سوريا والعراق ما هو إلا لصالح إيران التي تحاول أن تفاوض على هذه الورقة منذ الانقلاب الفاشل في 2011 وحتى الآن، ولكن أن يؤيد الرئيس الأمريكي هذه النقطة ويطرحها في خطابه، فالأمر بحاجة إلى تمهل.. ودراسة.إن أوباما عندما يتحدث عن البحرين، فهو لا يعني البحرين عينها، بل يعني دول الخليج كلها، فالبحرين في هذه المعادلة تمثل دول الخليج، ولذلك فإن هذا التقارب الإيراني الأمريكي من شأنه أن يهيج دول الخليج على الموقف الإيراني، وبعد هذا التهييج يتم البحث عن صيغ أخرى للتفاهمات السياسية في ترجيح الكفة الدولية.يقول بعض المحللين العسكريين إن أمريكا تبحث عن حرب في المنطقة، وهي الآن في عملية تحديد الكلفة ورسم السيناريو وفرز الحلفاء العسكريين، ولكن يبدو أن هذا الفرز يحتاج إلى ابتزازات سياسية من أجل فتح الأبواب لأمور تختص بهذا الملف.ورجوعاً إلى التقارب الأمريكي الإيراني، فلا يمكن أن نستبعد أن هذا التقارب يمكن أن يكون «قبلة الموت» الأمريكية الأخيرة للنظام الإيراني، وقد تكون هذه القبلة من نوع آخر هذه المرة، خاصة مع حرص النظام الأمريكي على الصراع السوري، الذي يمثل مرتكزاً للصراع الخليجي الإيراني.إن المراد من هذه المرحلة هي الوصول إلى نقطة متقدمة من الصراع الإيراني الخليجي، وإلقاء المزيد من الحطب في هذه النار المشتعلة أصلاً، فموقف الخليج من الحروب واضح، إنه لا يسمح باتخاذ أراضيه قواعد عسكرية لضرب أية دولة أخرى، وما القواعد الأمريكية إلا قواعد حماية، اختلفنا أو اتفقنا عليها.ولكن مع وصول الأطراف إلى ذروة التأجيج الطائفي، والتأجيج الذي من شأنه أن يهدد سلامة المنطقة عن طريق التخويف من ترجيح كفة محور الشر الإيراني السوري مع «حزب الشيطان»، والإيحاء بصعود قوة إيران على الساحة الأمر الذي يهدد الأمن القومي الخليجي، واللعب بورقة البحرين علـــى هــذا النحــو المخزي، مع التصعيـــد الإيراني السافر، قد يرغمنا للانجرار وراء السياسة العبثية الأمريكية في المنطقة.