لم يكن مستبعداً الخبر الذي نشر في الصحافة البحرينية أمس حول احتمال صدور قرار بتعديل الدوائر الانتخابية قريباً (بحسب الصحيفة).فهذا الأمر كتبت عنه هنا من قبل، غير أن السؤال الذي يجب أن يكون؛ على أية هيئة سيكون تعديل الدوائر في المرحلة القادمة، النائب السابق جاسم السعيدي قال للصحيفة إن تعديل الدوائر يأتي على خلفية زيادة رقعة البلاد، وزيادة عدد السكان.خلال الفترة الحالية والأيام التي ستأتي، هل نشهد فيها بالونات اختبار أكبر من التي خرجت؟ فجمعيات الردح تريد المشاركة وتتحرق لذلك، هم يدركون أن عدم المشاركة يعني أنهم يهمشون أنفسهم لأربعة أعوام قادمة، ولن يحصلوا فيها على أية مكاسب من البرلمان، ولا مكاسب النائب، ولا مكاسب للشارع ولا فرض أجندات على الوزراء، وهذا يعني أنهم يضعون أنفسهم خارج اللعبة لمدة ليست بالقصيرة خاصة في هذا التوقيت، ويتحولون إلى ظاهرة كلامية وخطابات وبيانات لا تساوي حبرها، وخروج محدود في بعض المظاهرات التي هي بعيدة عن التأثير تماماً.إحدى بالونات الاختبار أطلقها عبدالنبي سلمان، النائب السابق، والذي تحالف مع الوفاق من خلال جمعية المنبر التقدمي (كله تقدمي وحنا في الرويس)، حيث قال للصحافة إن «المعارضة» لم تحسم أمرها بعد من المشاركة في الانتخابات، وإن القرار أقرب إلى عدم المشاركة، كما قال.وإذا أردنا أن نعود بالذاكرة قليلاً؛ فإن تصريحات علي سلمان قبل فترة أكدت أن لا مشاركة في الانتخابات التي ستحدث بعد شهرين تقريباً، وهناك فارق في التصريحين، وهذا الفارق يدل على أن هناك من هو مع المشاركة في الانتخابات، وهذا الطرف يدرك تماماً حجم الخسارة إن لم يشارك في الانتخابات، أو يدل على أن هذه الجمعيات تريد المشاركة وأن الموقف يتغير نحو ذلك.بعد انسحاب الوفاق من البرلمان إبان أحداث 2011 حين أرادت هذه الجمعية ركوب موجة الشارع، وبعد فشل الانقلاب (راحت سكرة الشارع)، واتضح أن قرار الانسحاب كان خطأً استراتيجياً كبيراً، فلم يعد لهم تمثيل في المجلس ولم يستطيعوا محاسبة وزير، ولا حتى الجلوس مع الوزراء؛ خصوصاً أنه بعد الأحداث كانت هناك مطالبات كثيرة من الوفاق والشارع يطالبون بها السلطة التنفيذية، غير أن الوفاق فقدت التمثيل الرسمي كنواب، فلم تستطع فعل شيء، ولا تملك أي صفة للإملاء أو الطلب.لقد أعمى الله بصيرتهم بقرار الانسحاب، ومن يدري فقد تعمى البصيرة أيضاً عن قرار المشاركة هذه المرة.مع ظهور كل هذه البالونات، يتضح أن جمعيات الردح تريد (مسوغاً) لها للمشاركة في الانتخابات، وحتى تقول إن شيئاً من مطالبها تحقق، لذلك هي قررت أن تشارك، وإن صح خبر تعديل الدوائر فإن هذا التعديل سيكون المسوغ الذي تريده جمعيات الردح حتى تشارك.في المحصلة وبتقدير أغلب المتابعين، فإن الوفاق وبقية الأقزام الصغار المسيرين يريدون المشاركة، قد أدركوا اليوم أنهم خارج اللعبة، وأنهم فقدوا أي تأثير على صانع القرار ما داموا خارج اللعبة.غير أن هناك سؤالاً آخر، هو إذا تم تعديل الدوائر (كما يطرح) لكن لم يكن هذا التعديل على المزاج الطائفي للوفاق وبقية الأقزام، هل سيشاركون..؟يبدو أيضاً من خلال تصريحات عبدالنبي سلمان أن هناك من الدول الراعية لهذه الجمعيات، وهي أمريكا وبريطانيا، قد وجهت الوفاق وأتباعها للمشاركة في الانتخابات، حتى لا يبقوا خارج اللعبة، خاصة أن التحولات الإقليمية التي تحدث لا يمكن التنبؤ بها.والذي نعرفه أن الوفاق والأقزام الصغار هم تحت إمرة أمريكا وبريطانيا، فإذا قالتا لهم شاركوا سيشاركون، وسيغير كبيرهم الذي يفتي لهم ويشرع رأيه بأن يدعو للمشاركة.يعتقد كثيرون أن ما تفعله هذه الجمعيات إنما يدخل ضمن ما يسمى المسرحيات الكبيرة الهزلية، التي لم تعد تنطلي على الناس، هم يريدون المشاركة ويعرفون حجم الخسارة حين أقدموا على الاستقالة في غباء سياسي ليس له نظير، لذلك ستكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت أو الانشقاقات، أو إعلان المشاركة..!