أربع ملاحم تاريخية سطرها البحرينيون منذ معركة استقلال بلادهم في العام 1971، الأولى كانت في معركة استغرقت أربع سنوات لنيل الاستقلال عبر لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة. والملحمة الثانية كانت في إرادتهم الشعبية الجامعة في تأييد ميثاق العمل الوطني، والتوافق من أجل خيار الديمقراطية الذي لا رجعة فيه. أما الملحمة الثالثة فكانت في فبراير 2011 عندما تفوقت إرادتهم الوطنية على محاولة إسقاط النظام، وإفشال مخطط تحويل الدولة إلى بلد مفتوح لتدخلات الحكومات الأجنبية. وأخيراً نعيش هذه الأيام الملحمة الرابعة عندما تفوقت إرادة البحرينيين من جديد على دعوات الوفاق وداعش بتصفير صناديق الاقتراع ومقاطعة الانتخابات التشريعية والبلدية.الأهم في دروس الأربع ملاحم أن الإرادة الشعبية كانت هي الفصل في أي مرحلة تاريخية، وهي الأداة التي مكنت جميع البحرينيين على مواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية.المواجهة في الأربع ملاحم لم تكن حكومة البحرين طرفاً أساسياً فيها، الطرف الرئيس هو شعب البحرين، حيث شهدت مواجهة بين إرادة شعب البحرين وقوى سياسية داخلية راديكالية، وحكومات أجنبية. لنستعرض الأمثلة على ذلك، ففي ملحمة الاستقلال كانت المواجهة بين شعب البحرين وإيران الشاه في معركة لحسم هوية البحرين. وفي الملحمة الثانية كانت مواجهة بين إرادة شعب البحرين وبين جماعات سياسية راديكالية تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار وتغيير النظام السياسي للدولة، فانتصر خيار الديمقراطية حينها في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني. وجاءت الملحمة الثالثة في 2011 لتجاوز خيار الديمقراطية وتغيير النظام الملكي الدستوري إلى ثيوقراطية تابعة لحكومات أجنبية، وإنهاء التعددية في المجتمع البحريني، فكانت المواجهة بين إرادة شعب البحرين وجماعات سياسية راديكالية. وأخيراً في الملحمة الرابعة هناك حكومات أجنبية تحاول إفشال الديمقراطية البحرينية من خلال جماعات سياسية راديكالية سواءً كانت الوفاق أو حتى داعش.في الأربع ملاحم واجهت إرادة شعب البحرين حكومات أجنبية وجماعات راديكالية، ودائماً كانت هذه الإرادة هي المنتصرة، لذلك فإن الرهان على خيارات أخرى سيكون مصيرها الفشل لأن الإرادة الشعبية هي الحارس الأمين لكافة مكونات المجتمع، وللنظام السياسي التعددي، ولعملية التحول الديمقراطي طويلة المدى، وهي الحارس أيضاً للملكية الدستورية التي توافق عليها شعب البحرين، ولا يمكن التفريط بها مهما كانت الظروف.من الواضح أن هذه المعادلة عصية الفهم على كثير من القوى السياسية الراديكالية، وعلى كثير من الحكومات الأجنبية المجاورة والبعيدة، لذلك كلما تعددت المحاولات كلما تكرر الفشل لأن الإرادة الشعبية البحرينية لا تتغير.
Opinion
البحرينيون والملحمة الرابعة
25 نوفمبر 2014