يجب أن نؤمن قبل كل شيء وقبل الحديث عن أي شيء له علاقة بالسياسة والوطن والوطنية؛ هو أن أي حل سياسي لأية مشكلة سياسية ما لابد أن يأتي من الداخل وليس من الخارج، وأن أي تعويل على الخارج سيكون مصيره الفشل الذريع، كما هو الحال تماماً بالنسبة إلى حركات الاستعمار التي جاءت عبر انتدابات ومعاهدات خارجية مصنوعة في عواصم الدول الغربية تحديداً، والتي لم نجنِ منها سوى الويلات والكوارث، لعل من أبشعها وعد بلفور المشؤوم.إن هرولة غالبية القوى السياسية في البحرين وراء السفارات الأجنبية لاستجداء حل سياسي في البحرين لن يوصلنا إلا إلى المزيد من الأزمات والنكبات، فالاستقواء بالأجنبي مرفوض من أية جهة كانت، حتى ولو بحجة الحفاظ على الوطن، لأننا نؤمن كل الإيمان ومن خلال تجاربنا السابقة مع الأجنبي أن الذي يفسد كل الوطن هي سفارات الدول الأجنبية، والتي هي عبارة عن أوكار للتجسس والعبث بأمن الدول العربية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.حين يزو السفير الفلاني لمقر الجمعيات السياسية -الموالية منها والمعارضة-، فإنه لا يفعل ذلك اعتباطاً؛ بل هو وفي كل مناسبة يحاول أن يعزز من وجوده في هذا البلد الصغير، كما يحاول أن يفرض أجندات سياسية تخدم مصالحه قبل مصالحنا، كما إن قبول القوى السياسية بهؤلاء السفراء يعتبر عملاً ساذجاً جداً لأنه ينم على ضحالة في الوعي وضعفاً في الموقف السياسي لتلك الجمعيات، كما إنه يعتبر عملاً غير مشرف لأية جهة سياسية تقوم به.الناس اليوم يتحدثون عن امتعاضهم الشديد من الاجتماعات والانتدابات والزيارات المكوكية بين بعض السفراء الأجانب وبين بعض السياسيين في البحرين، وأنه كيف للقوى السياسية أن تقبل بعروض السفارات الأجنبية كحلول لمشاكلنا الداخلية، حتى ولو كانت تبدو للوهلة الأولى أنها تصب في مصلحة البحرين؟ وكيف يمكن أن نتحدث عن الوطنية وهناك من البحرينيين من يفتحون للمستعمرين منازلهم وديوانياتهم للدخول والخروج منها متى شاؤوا ومتى أرادوا؟إن ترحيب القوى السياسية، كل القوى السياسة، سواء كانت موالية أو معارضة بالسفراء الأجانب لاستجداء مواقف سياسية لا يمكن قبوله على الإطلاق، وعلينا أن نستوعب حين يختلي السفير الفلاني بالمعارضة فإنه سيكون معارضاً للحكم، وحين يختلي بالموالاة فإنه يؤكد حبه لهم وللوطن، وفي كلتا الحالتين لا يعدو أن يكون السفير سفيراً لوطنه فقط، يعمل وفق ما تمليه عليه مصلحة بلاده، فهو في مهمة أشبه بمهمة المنافق.حين يصرح السفير الفلاني بموقفه الداعم للمعارضة فإننا نجد أن القوى السياسية المعارضة تصفق له وتطبل بطريقة غريبة جداً، وحين يقوم بمدح الجمعيات المقابلة فإنها تقوم بذات الفعل، وهذا ينم عن ضعف إدراك من طرف السياسيين في البحرين، كما ينم عن عدم امتلاكهم الرؤية الثاقبة للمستقبل وإفلاسهم من المشاريع الوطنية التي من المفترض أن تكون بديلاً لكل مشاريع السفراء الأجانب.إن اللعب مع الأجنبي لحلحلة القضايا الوطنية هو لعب بالنار، وهو يعتبر من أبشع أنواع الإفلاس السياسي، والذي يعني أن يعول السياسي على الخارج أكثر مما يعول على الداخل، وهذا ما يجب أن ينتبه له كل السياسيين في البحرين ويعملوا من أجله، ولربما تكون تلك هي الخطوة الأولى للوقوف على العتبة الصحيحة لسلم الحقيقة.
Opinion
سفراء الفضول
01 ديسمبر 2014