أدخل أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله نفسه في موضوع لا علاقة له به عندما تحدث في خطابه الأخير بمناسبة المولد النبوي الشريف عن البحرين، وليس لذلك تفسير سوى أن مثول أمين عام الوفاق أمام النيابة العامة أربك حساباته وحسابات من معه، وصار لا مفر من كشف بعض الأوراق التي تؤكد العلاقة بين الحزبين ونواياهما. ويبدو أن خطوة مثول سلمان أمام النيابة العامة كانت موجعة إلى الحد الذي أدت إلى أن تفلت أعصاب نصر الله ليصف ما قامت به الحكومة هنا بـ «الحماقة الكبرى والغباء»، ويجد نفسه «مضطراً» للتوقف عند موضوع البحرين ويقول إن «اعتقال» علي سلمان أمر خطير جداً وإنه دليل على وصول السلطة إلى حائط مسدود. ليس هذا فحسب ولكن الأعصاب التي انفلتت جعلته يكشف عن أمور ما كان ينبغي له كشفها، على الأقل كي لا يحرج جمعية الوفاق. إن قول نصر الله إن «المعارضة» البحرينية ظلت سلمية «ليس لأنهم لا يستطيعون حمل السلاح أو لأنه لا يوجد شخص يستطيع إيصال السلاح والمقاتلين لها.. بل يمكن بعدد قليل من المقاتلين هز بلد بالكامل»، هذا القول فضح به نصر الله علاقته بـ «المعارضة» المتمثلة في جمعية الوفاق بالدرجة الأولى، وهو اعتراف بأنه سعى ويسعى إلى إدخال السلاح إلى البحرين. أما باقي كلامه عن السلمية وأن الحراك في البحرين سلمي وأن «إرادة العلماء» و»القيادة السياسية» والشعب هي ما تمنع العنف وهي التي تصر على السلمية، فكلام لا قيمة له، و»زيادة على البيعة» لأنه منطقاً لا يمكن قبول كلامه عن السلمية في وقت هدد فيه بوضوح الحكومة بأنه «سيضطر» إلى إدخال السلاح لهز البلد وأن البحرين ليست عصية على إدخال السلاح إليها. نقطة أخرى كشف بها نصر الله علاقة حزبه بحزب الوفاق هي تلك التي اتهم فيها حكومة البحرين بأنها راهنت على دفع الشباب إلى العنف وأن من مصلحتها لجوء الشباب إلى العنف كي «تتحدث بعدها عن الأمن الوطني والقومي وتقوم بضرب المعارضة وقيادتها وسحقها»، وأنها لهذا عملت على جر «المعارضة» إلى «صدام مسلح» وممارسة العنف، فهذا المنطق نفسه تكرره الوفاق ويردده الوفاقيون عبر الفضائيات السوسة ويسمعه مشاهدو فضائيتي «العالم» الإيرانية و»المنار» اللبنانية يومياً.كلام كثير قاله نصر الله في «اضطراره» للحديث عن البحرين، لم ينتبه إلى أنه في ثناياه كشف عن العلاقة بين حزبه والوفاق واعترف بأن حزب الله منظمة إرهابية تدعو إلى حمل السلاح وأنها ساعدت وتساعد في تهريبه إلى البحرين وتدريب عناصر «المعارضة» على حمل السلاح والدخول في مرحلة الصدام المسلح. إن قوله إن «في البحرين رجال وأنهم معروفون بالشجاعة والرجولة والحماسة وأنهم لم يكونوا سلميين لأنهم لا يستطيعون حمل السلاح أو لأنه لا يوجد شخص يستطيع إيصال السلاح إلى البحرين»، كل هذا يدخل في باب «تكويك» البسطاء وشحنهم كي يستعدوا للمرحلة التي تشغل باله وبال حزبه، ولعله جزء من كلمة السر المتفق عليها والتي أراد توصيلها إلى جمعية الوفاق وإلا ما هو المقصود من عبارة إن «أكثر بلد مضبوط أمنياً يمكن إيصال السلاح والمقاتلين لها، بل يمكن بعدد قليل من المقاتيلين هز بلد بالكامل»؟ في لقاء الصحافة قبل يومين مع وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة سألته عن رأيه في تصريحات نصر الله، فقال إنه لم يفاجأ بها، فليست جديدة وما قاله إنما يسيء به إلى نفسه ويصغره ولا يكبره وأن مشكلة البحرين شأن داخلي ونحن نحميها منه ومن غيره، وتساءل عن سر تحول نصر الله من توجيه رسائله إلى إسرائيل.