حتى وإن كانت البحرين صغيرة الحجم، حتى وإن كان تعداد سكانها «المخلصين» ضئيلاً مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية -كمثال- وحتى لو كان اقتصادها أقل وترسانتها العسكرية أصغر، كل هذا لا يعطي الولايات المتحدة الأمريكية -القوة العالمية الأولى عسكرياً، يفترض ولا بيتها المصبوغ بالأبيض- حق التدخل في شؤون البحرين بهذه الطريقة.من الصفاقة أصلاً أن يدخل مسؤول أجنبي البحرين مهما علا شأنه وموقعه، ليبدأ بالتصرف فيها وكأنه يدلف إلى «محل تجاري»! حتى بعض المحلات لا يمكنك أن «تتفلسف» فيها على أصحابها وتقول: «على كيفي، بفلوسي»، إذ بعض أصحابها قد يرمونك خارجاً لتسقط على رأسك، وهذا حقهم.التصرفات «قليلة التهذيب» التي زادت عن حدها في الآونة الأخيرة من قبل بعض المسؤولين الأمريكان، والذين يبدو أنهم «غرتهم» سعة صدر البحرين قيادة وشعباً، وأخطؤوا تقدير حسن الضيافة وكرم الأخلاق و«النخوة العربية الأصيلة»، فباتوا يفسرونها على أنها نتاج ضعف، هذه التصرفات لابد وأن يوضع لها حد.وبعيداً عن حالة «النشيج» و«النواح» من قبل طوابير الانقلاب الخامسة والكارهين لوطنهم الطاعنين فيه يومياً بالظهر بخناجر الكذب والتقية والفبركة، بعيداً عن بكائهم عن طرد البحرين لمساعد وزير الخارجية الأمريكي الذي كشف منذ زمن عن وجهه القبيح ضد البحرين وأفكاره المتوافقة مع جماعات التحريض والتخريب، فإن الرسالة يفترض أنها وصلت، وموقف بعض دول الخليج الثابتة في تعاضدها الأخوي التاريخي مع البحرين، هو بمثابة رسالة صريحة وواضحة لقاطن البيت الأبيض، والذي بات يظن أن أهل الخليج والعرب هم «لعبة سهلة» في يد إدارته.البحرين لها سيادة أصيلة، ومن حقها أن تقرر قبول استضافة أي مسؤول أو رفضه، تقرر أن تطأ قدماه الأرض أو يحرم عليهما ذلك، وهذا ليس فقط حقاً مقصوراً على البحرين، فالولايات المتحدة نفسها تطبق هذا الحق بشكل صارم قبل أي دولة أخرى من دول العالم. فعلت ذلك وبـ»مبالغة شديدة» قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وخلالها وبعدها ومازالت.سيادة الدول ليست شيئاً تتم المفاوضة فيه أو المساومة عليه. على الأمريكان أن يدركوا ذلك تماماً. نعم هم أقوى دولة عسكرياً، نعم هم يمتلكون النفوذ، لكن هم لا يمتلكون التحكم في كرامة الأمم والشعوب أو إخضاعهم قسراً لهم.بالتالي السيد السفير الصديق «غير الصدوق»، كان لابد من تنبيه أي مسؤول أمريكي رفيع المستوى أو حتى صغير المستوى بأن دخول البحرين -التي ستستقبله بصدر رحب وكرم ضيافة- من «السذاجة» أن تقابلها أفعال واضحة تدخل في إطار دعم جمعيات متطرفة مناهضة للدولة والنظام داعية لإسقاط شرعية الحكم وتهلل وتهتف لأعمال التخريب وتحمي الإرهابيين. وعليه ما فعله مساعد وزير الخارجية صاحب السوابق الموثقة من كتابات وآراء ومواقف سابقة ضد البحرين، أمر لو حصل في دولة كإيران (على سبيل المثال) التي تدعم إرهابيي البحرين، لكانت أرسلت لكم مسؤولكم على دفعات!مهما ستحاول بعض الأبواق وبعض «متقلبي الوجوه» من كارهين للبلد ونظامه والبقية ذات الأغلبية من مكونات شعبه، مهما سيحاولون التقليل من هذه الخطوة التي قامت بها البحرين، فإن كل ذلك لا يهم، فـ«الصراخ على قدر الألم»، والرسالة واضحة ووصلت.يبقى على الأمريكان أن يدركوا تماماً بأن إرادة الدول لا تستهدف بهذه الصورة الواضحة الفجة، وأن سيادة الدول لا يتطاول عليها بهكذا أسلوب (تتذكرون فيتنام طبعاً؟! تتذكرون اليابان التي فجرتموها بقنابل ذرية واليوم «تشحتون» منها التطور التكنولوجي والاقتصاد؟!)، البحرين ليست باحة لعب لكم تأتون لها لتفعلوا فيها ما تشاؤون.لربما السفير الصديق «غير الصدوق» الذي سيغادرنا قريباً «إلى غير رجعة»، سيستوعب الآن من الموقف البحريني الرسمي ما كان الإعلام الوطني يقوله والفئات المخلصة تطالب به، من احترام لسيادة البحرين وإيقاف «الصفاقة وقلة الأدب» بالتدخـــل في شؤوننا الداخلية. وحتى تكتمل الصورة لديه قد يفيده استعادة صورة الفيديو التي تبين بأن رئيسه قد سبقه في فهم الحقيقة الثابتة بأن العرب وأهل الخليج لا تأتي لهم في ديارهم لتتطاول على سيادتهم، الفيديو الذي يظهر فيه رئيسه منحنياً احتراماً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، احترام مدرك لسيادة الدول وهيبتها، وما البحرين عن شقيقتها الكبرى ببعيدة.هنا تكمن القصة، وهنا مربط الفرس، ويا غريب كن أديب أو «فارج»!
Opinion
هذه سيادة البحرين.. فيا غريب كن أديب!!
10 يوليو 2014