هذه الجملة قالها الشيخ عيسى قاسم في بيان أصدره أخيراً تعاطفاً مع أمين عام الوفاق إثر توقيفه من قبل النيابة العامة ووجهه بشكل مباشر إلى الحكومة، واليوم يرددها أعضاء جمعية الوفاق بكثرة في مقابلاتهم اليومية مع فضائية «العالم» الإيرانية وغيرها من الفضائيات المساندة، ويعتمدونها كمبدأ وأساس ويسعون إلى نشرها بين العامة ليدخلونهم في التحدي ويستفيدون منهم، حيث التحدي يوفر إحساساً بالقوة، وحيث القول إننا لن نعجز بل ستعجزون يعني أن لدى «المعارضة» قدرة غير متوقعة على التحمل ومواصلة السير في هذا الدرب رغم كل شيء. هذه الجملة القوية والمليئة بالتحدي ليست جديدة وهي ليست من اختراع «المعارضة»، وخطورتها تكمن في أنها تأخذ الطرفين مباشرة إلى مرحلة كسر العظم التي تعني ضرورة أن ينتصر طرف على الآخر، وهي المرحلة المرفوضة من المواطنين الذين بالتأكيد لا يسرهم أن ينتصر هذا الطرف أو ذاك، وإن سرهم أن ينتهي هذا العراك الذي لا يؤدي إلا إلى تخلف بلادنا عن الركب واستمرار حالة القلق وعدم الاستقرار. الحكومة لا تهدف إلى الانتصار على «المعارضة» أو كسرها، هي فقط تريدها أن تمارس دورها الصحيح، حيث للمعارضة الإيجابية دور مهم في البناء والتطوير والارتقاء بالمجتمع وبالوطن. لو كانت الحكومة تريد أن تعجز من يقف في طريقها لتمكنت وبسهولة، فهي تمتلك من القوة والأدوات ما لا تمتلكه «المعارضة» على اختلاف أنواعها ويمكنها ضبط الأمور بحزمة قوانين يتم تطبيقها بصرامة. ليس كسر «المعارضة» هو هدف الحكومة، وليس القضاء عليها أو منعها من المطالبة بما تراه حقوقاً. الحكومة تريد من «المعارضة» أن تستمر في مطالبها ولكن من دون أن تسيء إلى الوطن واستقراره، ومن دون أن تتسبب في إحداث الفوضى ومن دون اللجوء إلى العنف. الدليل على هذا هو أنه لم يصدر من الحكومة قط أي تصريح يفهم منه أنه ليس للمواطنين مطالب أو أنه ليس من حقهم المطالبة بها. لم تقل الحكومة مثل هذا القول قط، الحكومة ترفض أسلوب المطالبة وليس المطالبة نفسها. هذا فارق مهم ينبغي الاستفادة منه في تقريب وجهات النظر. الحكومة ليست ضد المواطنين وليست ضد مطالبهم، الحكومة تختلف على طريقة المطالبة، فهي لا تقبل أن تكون بالصراخ وممارسة العنف ونشر الفوضى، وكما إن الخط الجميل يزيد الحق وضوحاً كذلك فإن المطالبة الجميلة تزيد الحق وضوحاً وتوفر المكاسب. لا يوجد حكومة في العالم تقبل أن تلوى يدها وتجبر على تقديم ما يراد منها بالغصب، فللحكومة هيبة ينبغي مراعاتها وعدم كسرها. الأفضل من كل هذه الممارسات التي أكدت السنوات الأربع الأخيرة عدم جدواها هو العودة إلى المطالبة بالطرق المعهودة في المجتمعات الخليجية. إن زيارة واحدة إلى القيادة تقوم بها «المعارضة» من شأنها أن تذيب الجليد وتحل الكثير من المشكلات العالقة وتضع نهاية لفيلم الرعب الذي تم إدخالنا فيه. للعادات والتقاليد والأعراف دور مهم في المجتمع الخليجي يفترض من «المعارضة» أن تستغله، وليس في هذا إهانة أو تقليل من الشأن، فالقيادة أب للجميع، والجلوس إليها ينتج عنها مكاسب كثيرة وغير متوقعة وليس في هذا انكسار لطرف وانتصار لآخر خصوصاً وأن المستفيد منه هو المواطن الذي ترفع «المعارضة» شعار الدفاع عنه والمطالبة بحقوقه. الطريق الحالي الذي تسلكه «المعارضة» لا يوصل إلى مفيد، ومرحلة كسر العظم التي تسعى إليها لا تكسبها شيئاً وتخسرها الكثير ولا تؤدي إلا إلى تعقيد المشكلة. الطريق الأفضل هو التواصل مع القيادة التي لا تهدف إلى أن تعجز «المعارضة» ولا أن تنتصر عليها.