جهات أجنبية وبمعونة واضحة من الفضائيات السوسة سعت طوال السنوات الأربع الأخيرة إلى نشر فكرة خاطئة في ما يخص الأحداث في البحرين ملخصها أن الحكومة تعادي الشيعة وأنها تحرمهم من حقوقهم وأنها تقف إلى جانب السنة حتى وإن أخطؤوا في حقها. هذا جانب من الرواية التي حاولوا إقناع العالم بها بغية القول إن المشكلة في البحرين طائفية وإن الحكومة طائفية وإن الشيعة مستهدفون. من هنا تم التركيز على الكثير من القصص الصغيرة التي حاولوا بها دعم هذه الفكرة وتأكيدها، فرفض طلب معين لمواطن لأي سبب يتم تفسيره على أنه رفض فقط لأن المواطن شيعي، وتأخر تسليم وحدة إسكانية لمواطن يتم تفسيره على أنه بسبب مذهبه، وهكذا.. ما قد لا يدركه هؤلاء هو أن السلطة، أي سلطة في العالم، يهمها في الدرجة الأولى المحافظة على وجودها، وهذا من حقها، وأنها في سبيل تحقيق هذا الأساس تنظر لكل ممارسة خاطئة من أي طرف في الداخل أو الخارج على أنها تشكل خطراً عليها ومن ثم ينبغي التعامل مع هذه الأخطار بما يتطلبه الموقف وبما يحقق لها استمرار وجودها.هذا يعني أنه لو كانت جمعية الوفاق سنية وليست شيعية ومارست ما مارسته هذه الجمعية في السنوات الأربع الأخيرة لتعاملت معها بالكيفية نفسها التي تعاملت معها وهي جمعية شيعية. ولعل المثال الأوضح هنا هو تعامل السلطة مع الجمعيات السياسية غير المحسوبة على مذهب ديني معين مثل المنبر التقدمي الديمقراطي والعمل الوطني الديمقراطي «وعد» اللتين تضمان عناصر من المنتمين إلى الشيعة والسنة، فهي لا تفرق بين أعضائهما على أساس مذهبي فتعاقب الشيعي إن أخطأ وتغض الطرف عن السني، وإنما تتعامل مع كل ما تراه خطأ بما يستوجب وبما تحمي به نفسها.من هنا فليس مستغرباً أبداً توقيف بعض من قدموا من سوريا وبينت المعلومات أنهم تواجدوا هناك لبعض الوقت، فمثل هؤلاء قد يشكلون خطراً على السلطة والوطن والمجتمع، وبالتالي لابد من التعامل معهم بالكيفية التي يتطلبها الموقف، فلا يغض الطرف عنهم لأنهم من السنة أو لأن أهاليهم من «الموالين». كل هذه الأمور تخرجها الدولة من حسابها، فكل ما قد يشكل خطراً عليها وعلى المواطنين تمنعه بما تمتلك من أدوات وسلطة وقوة، فلا مجاملة في مثل هذه الأمور ولا تمييز ولا تفرقة، فالدولة لا يهمها إن كان هذا الخطر شيعياً أم سنياً أم معارضاً أم موالياً، أبيض أم أسود، طويلاً أم قصيراً، يتحدث بهذه اللهجة أو بتلك. كل هذه الأمور لا تهم الدولة ولا تعطيها أي اعتبار. الأهم من كل هذا هو محاصرة أي خطر أو تهديد لكيان الدولة وللمواطنين المسؤولة عنهم.نعم، تعامل الدولة مع الأحداث في البحرين سهل القول إنها تستهدف الشيعة. هذا أمر طبيعي، والسبب هو أن أعضاء جمعية الوفاق التي تحاول أن تقود «المعارضة» كلهم من الشيعة، وإن المنتمين إلى ما يسمى بـ«ائتلاف فبراير» كلهم من الشيعة، فإذا أضفنا إلى هذا وذاك الدعم المفضوح الذي تقدمه إيران -وهي دولة شيعية- عبر فضائياتها وعبر تصريحات مسؤوليها التي يسهل تصنيفها في باب التدخل في الشأن الداخلي البحريني وكذلك مواقف حزب الله، لذا يسهل ترويج فكرة أن الحكومة هنا تتخذ من الشيعة موقفاً وأنها تعاديهم وتريد القضاء عليهم. بالنسبة للدولة، ليس مهماً مذهب من يقف في وجهها ويحاول أن يسيء إليها، فكل من يفعل ذلك ليس لها بد من التعامل معه بالطريقة التي يستوجبها الموقف. هذه حقيقة تدحض تلك المحاولات البائسة.