إن كانت هناك من تداعيات محتملة حول القرار السيادي البحريني القوي بطرد مساعد وزير الخارجية الأمريكي؛ فإن أول هذه التداعيات وأهمها ربما هو عودة ثقة المواطن بهيبة الدولة، وقوة الدولة، والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة وقوية دون تراجع.في اعتقادي أن الجبهة الداخلية هي أكثر أولوية من جعجعات أمريكا الخارجية، وجعجعات المنظمات التي تأتمر بأمر أمريكا، لكن بالمناسبة وما دام الحديث عن أمريكا نريد أن نعرف موقف الدجالين الأفاقين الكذابين الذين يقولون الموت لأمريكا، أمريكا الشيطان الأكبر، هل أنتم تمجدونها وعلى علاقة خاصة وحميمة تشبه جلسة مساعد وزير الخارجية الأمريكي مع أعضاء الوفاق، أم أنها شيطان أكبر؟لماذا لا يخرج لنا الولي الفقيه الذي يلمز ويغمز ضد أمريكا، وأحياناً يصرح تصريحاً مباشراً في مظاهرات يوم القدس، لماذا لا يقول لنا هل أمريكا حليف لكم أم عدو، أم أنتم تكذبون على الناس؟ تشتمون أمريكا وتأخذونها بالأحضان كما فعل السيستاني مع بريمر من بعد صفقة الـ200 مليون دولار؟أمريكا حبيبتكم أم هي عدوكم؟ هل كل ما تفعلونه من غزل عفيف وصريح هو الحقيقة، وأن الدجل هو ما تقوم به من حرق الحلم الأمريكي في مظاهرة يوم القدس؟.. والقدس بعيدة عن شواربكم، أنتم تتآمرون على احتلال القدس ولن تحرروا القدس يوماً.ما أكذبكم، حتى أنتم لا تصدقون أنفسكم، وصلتم إلى هذه المرحلة.أعود إلى موضوع الطرد، فهناك من أخذ يلمز بأن أمريكا ستنتقم من هذا الطرد في الصحيفة الصفراء، واليوم نقولها نحن كشعب، إننا لا يهمنا أبداً التهديد والوعيد، لكني أستطيع التأكيد أن أمريكا وغيرها من الدول صغرت أم كبرت ستحترمنا أكثر، وستحسب لنا ألف حساب في الزيارات القادمة.هذا ما أستطيع أن اقوله، الموقف السيادي القوي والحاسم سيجعل الجميع يحترمنا، ويحسب لنا حساباً، ويحسب خطواته معنا.ما قاله مساعد وزير الخارجية بعد طرده من البحرين في تغريدات على حسابه إنما هو تعبير أكيد على أنه يتحدث بذات لسان الجمعيات الانقلابية، حيث قال: «قرار طردي من البحرين لا يتعلق بي وإنما بتقويض الحوار»..!وهذا ليس منطق الأمريكان، إنما هو منطق حلفائهم للانقلاب على الحكومات، هكذا يقولون، وأخذ مساعد وزير الخارجية الأمريكي الكلام منهم ليقوله.والسيد مالينوسكي لماذا لم يكتب لنا في تغريداته من الذي انسحب من الحوارين السابقين؟ليعلم مساعد وزير الخارجية أن حوار الانقلاب وحوار الطرشان، وحوار مع من لا يريد الخير للبحرين لا نريده نحن كشعب، نعرف أن للدولة خياراتها، لكن هذه الحقيقة ظهرت في الحوارين السابقين، من أن هؤلاء ليسوا أهلاً للحوار، وليس الهدف من الحوار هو مصلحة الوطن، وإنما مصالحهم هم الفئوية والطائفية.العقلاء لا يرفضون، لكن نتحاور على ماذا، ومع من، وما هو الهدف من الحوار؟ هذه هي أسئلتنا لمساعد وزير الخارجية الأمريكي.كيف يكون من يصطف مع طرف ويقبض عليه في مظاهرة في المنامة أن يكون وسيطاً محايداً؟لكننا في الأصل كشعب نرفض وساطة أمريكا، أمريكا لم تكن يوماً ما وسيطاً نزيهاً في كل المفاوضات التي خاضتها على كافة الصعد، أمريكا لا تتدخل في بلد إلا ويحل فيه الخراب، مثلهم مثل حلفائهم في البحرين وأشباههم في الدول التي يحل فيها الخراب اليوم؛ لبنان، سوريا، العراق، كلها يحل فيها الخراب فما هو العامل المشترك في هذه الدول؟على الدولة اليوم من بعد استفاقتها القوية التي انتظرناها منذ زمن بعيد، أن تثبت موقفها على الحق، وأن تسحب لجام الأمور في البحرين، إذا أردتم أن يحترمنا من في الداخل والخارج فأحكموا تطبيق القوانين على الجميع، عندها سيتقزم كل من تضخم من بعد ترك الأمور دون محاسبة وعقاب.أنقل لأصحاب القرار مدى فرحة أهل البحرين بالقرارات السيادية القوية، هي فرحة كبيرة، وهذه الفرحة إنما هي تشكل استعادة الثقة في قدرة الدولة على أخذ قرارات سيادية حاسمة، من هنا فإن علينا أن نمضي ولا نتراجع، وأن نحسم أمرنا في موضوع تطبيق القوانين المعطلة، هذا أيضاً يزيد ثقة المواطن في دولته، ويجعل الجميع يلتزم بالقانون ويخاف التبعات.لدينا ثقة كبيرة في حكمة وقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه، فقد وفقه الله سبحانه وتعالى لأخذ قرارات مصيرية ومؤثرة وحاسمة منذ محاولة الانقلاب، فكلما مر الوقت نكتشف أن القرارات التي اتخذت إبان الأزمة كانت في محلها، واليوم أيضاً نحتاج إلى أن نشكر الدولة على القرارات السيادية القوية، فليست مهمتنا النقد فقط، بل إننا نقول شكراً لمن يجعل هذا الوطن يستعيد قوته وسيادته، وأن تكون الدولة هي صاحبة السلطة في أخذ القرارات الداخلية والخارجية.نحتاج اليوم إلى الثبات على الحق أكثر من أي وقت مضى، مصدر ثقة المواطن بالدولة هو أن تثبت على قراراتها وتبني عليها، استعادة القوة والهيبة تبدأ من تطبيق القوانين، وأعود وأقول إن الجبهة الداخلية أهم من أن نرضي الغرب والمنظمات التي لا ترضى إلا بتمكين الخائن، الجبهة الداخلية هي صمام الأمان، وهي اللاعب الرئيس في الأزمات، ومن المهم أن يشعر من يشكل الجبهة الوطنية بقوة الدولة وهيبتها وقدرتها على أخذ قرارات مصيرية حاسمة، وهذا ما سينعكس إيجاباً على مستقبل البحرين.