من هو شعب البحرين؟ هل هو الذي تتحدث الجمعيات السياسية «المعارضة» عنه وباسمه؟ أم هو الذي تتحدث عنه الجمعيات السياسية الأخرى التي يحلو للبعض وصفها بالموالاة؟عندما تقرأ أو تسمع كلاماً من قبيل «إن شعب البحرين يريد أو يرفض أو يطالب.. إلخ» فهل هو كل شعب البحرين أم بعضه؟ وإن كان بعضه فهل هو كل البعض أم بعض البعض؟ وهل يحق لبعض البعض أن يتحدث باسم كل البعض وباسم كل شعب البحرين؟هذه إشكالية ينبغي طرحها للمناقشة لأن قول إن «الشعب يريد» يعني -منطقاً- أن كل الشعب بكل فئاته وأفراده يريد وليس بعض الشعب أو بعض بعضه.لنتحدث بلغة الأرقام؛ لو افترضنا أن عدد المواطنين «وليس عدد السكان» في البحرين هو 600 ألف، ولو افترضنا أن نصف هذا العدد ينتمي إلى طائفة معينة توصف بالموالاة، فهذا يعني أنه من غير المنطقي أن يوصف هذا العدد «300 ألف» بأنه شعب البحرين، لأن الـ300 ألف الأخرى لا توافق على تفكير ومواقف هذه الفئة أو الطائفة. وبالتأكيد فإن العكس صحيح، حيث الـ300 ألف التي تمثل افتراضاً الطائفة الأخرى لا يمكن أن توصف بأنها شعب البحرين لأن الـ300 ألف الأولى لا توافق على تفكير ومواقف هذه الفئة أو الطائفة.هذا يعني أن هذا العدد «300 ألف» يمثل نصف شعب البحرين، وبالتالي لا يمكن منطقاً أن يطلق على نصف الشعب بأنه الشعب!لنأخذ الآن النصف الذي يحلو للبعض نعته بالمعارضة أو الذي يعتبر نفسه في ثورة، هذا النصف نصفه دون السن التي يمكن أن يستوعب فيها ما يحدث، أي أننا نتكلم عن 150 ألف فقط، فإذا خصمنا من هذا العدد المنتمين للعائلات الكبيرة والتجار وكبار الموظفين وأصحاب الدخول المرتفعة ومن لهم مصالح لا يقبلون التفريط فيها، فهذا يعني أن الرقم الأخير ينخفض إلى أقل من الثلث، وهذا يعني باختصار أنه لا يمكن لهذا العدد الفقير الذي لا يتجاوز في أفضل الأحوال الـ50 ألفاً أن يتحدث باسم شعب البحرين، لأنه ببساطة مجرد جزء من جزء من جزء من شعب البحرين!ضمن هذه الحسبة يمكن قول أمرين؛ الأول هو أنه لا يجوز لأحد من المنتمين إلى هذا الجزء البسيط من شعب البحرين التحدث باسم شعب البحرين والتعبير عنه، فهذا الجزء ليس هو الشعب، وبالتالي لا يمكن له القول إن «الشعب يريد» كذا أو كذا أو يرفض كذا وكذا، والثاني هو أن المسؤول الأمريكي الذي اعتبرته الدولة شخصاً غير مرغوب فيه جاء متعاطفاً مع جزء بسيط من الشعب وقرر أنه هو شعب البحرين، فلم ير إلا هذا الجزء ولم يجلس إلا معه، بل إنه اختزل شعب البحرين في جمعية الوفاق فقط، التي هي جزء من ذلك الجزء.شعب البحرين ليس فقط جمعية الوفاق فقط وليس الجمعيات السياسية «المعارضة» وليس الـ150 ألفاً الذين يعتبرون أنفسهم في ثورة، وليس الطائفة التي هي في أفضل الحالات تمثل نصف الشعب. وشعب البحرين ليس الجمعيات السياسية الأخرى وليس الطائفة الأخرى فقط. وبالتالي فإنه منطقاً لا يجوز لأحد من هذا الطرف أو ذاك أن يتحدث باسم شعب البحرين لأنه لا يمثل إلا جزءاً منه، والجزء لا يمكن أن يتحدث باسم الكل إلا في حالات معينة كأن يكون ممثلاً شرعياً له.وهكذا فإنه غير مقبول أبداً القول إن شعب البحرين متضايق من حكومته أو إنه لا يريدها أو لا يوافقها على طرد مسؤول أجنبي جاء ليساند جزءاً من جزء من جزء من الشعب معتبراً إياه كل الشعب.
Opinion
فلسفة!
11 يوليو 2014