المراجعة والتغيير الجذريين المطلوبين أيضاً للميزانية العامة الجديدة والمنتظرة يتركزان على التخلص من الاعتماد شبه الكلي على الإيرادات النفطية في تمويل الميزانية وبالتالي تمويل استحقاقات التنمية وتطوير البنية التحتية، وهو هدف معروف ومطلوب وقديم يظهر إلى السطح ويختفي ليظهر من جديد بتأثير تقلبات أسعار النفط والأزمات المالية المصاحبة لهذه التقلبات والتي وصلت في سنوات سابقة وفي أكثر من مرحلة إلى توقف كل مشروعات التنمية وتخفيض الكثير من أوجه الإنفاق.في تلك الفترات تزداد التصريحات وتتصاعد الدعوات إلى ضرورة التخلص من استحواذ النفط على الإيرادات والعمل على البحث عن مصادر دخل بديلة أو موازية تحد من تأثير تقلبات أسعار وإنتاج النفط وتؤدي إلى إيجاد استمرارية واستقرار في الإيرادات، لكن هذه الدعوات سرعان ما يخبو صوتها وتتلاشى مع عودة أسعار النفط إلى الارتفاع وتحسن إنتاج النفط.التخلص من هيمنة النفط على الإيرادات يتمثل دائماً وفي كل الدعوات بما فيها تلك التي دأب الصندوق والبنك الدولي على ترديدهما في تنويع مصادر الدخل وتخفيض الإنفاق وكلاهما تعبيران واسعان، ولكل دولة أن تأخذ منهما ما يناسبها.تنويع مصادر الدخل بالنسبة للبحرين مازال شعاراً رغم عمره الطويل جداً، ومازالت نسبة الإيرادات النفطية من الإيرادات العامة في ازدياد، ونسبة الإيرادات غير النفطية في تراجع، مما يدل على أن التنويع لم يحدث أو لم ينجح أو لم يتجه إلى المصادر البديلة والواقعية والممكنة للتنويع.طموح التنويع عكسته الاستراتيجية الاقتصادية «2009- 2014» بقولها إن تنويع مصادر الدخل يجب أن يصل بنهاية عام 2014 إلى تمويل المصروفات المتكررة من الإيرادات غير النفطية، على أن يبدأ ذلك بالباب الأول من الميزانية «باب الرواتب والأجور»، وبالطبع فإن الاستراتيجية التي انتهت صلاحيتها تقريباً حددت مجالات تنويع مصادر الدخل من القطاع المالي إلى القطاع الصناعي وصولاً إلى فرض بعض أنواع الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة، لكن الطموح شيء والمتابعة والمحاسبة على الإخفاق والتقصير شيء آخر ومفقود!
Opinion
أين الميزانية؟ «6»
18 نوفمبر 2014