قلنا وسنقول؛ في قطر التاريخ والحضارة والعروبة والمصير، كيف تتفتت هذه عن بعضها البعض وكيف تنفصل؟ إنها الوحدة الخليجية التي لن يكتمل جمالها وتألقها وقوتها إلا باجتماع الأخوة على جسر المحبة، وذلك حين تتصافى القلوب وتتصافح الأيدي ويكون العناق الذي ينبض بالأخوة التي لن تغيرها هبات رياح ولا تغيرت من أجواء، إنها الطبيعة التي فطر الله عليها الأخوة الصادقة، وكما تتلبد السماء بالغيوم وكما تهيج أمواج البحر فإنهما يعودان للهدوء والصفاء بجمال يزيده بريقاً عندما تنقشع الغيوم ويهدأ الريح.التقى الأخوة الذين لم يفترقوا قط لأن في قلوبهم محبة لا تصدأ ولا تخبت، هي محبة جذورها أعماق القلوب وأغصانها تميل مع الريح لكنها تبقى ملتصقة لا تنفك ولا تنقطع، ثم تعود إلى وضعها الطبيعي لتزيد اخضراراً، وها هي ثمارها الطيبة يقطفها الشعب القطري والبحريني معاً، وذلك بعدما أثبتا للقاصي والداني أنهما شعوب لا تفترق مهما كانت الظروف سيبقون كما كانوا أخوة وأبناء عمومة وصداقة ومودة باقية للأبد.ومن أرض البحرين نهدي إخواننا في قطر أطيب سلام وأعطر تحية من شعب محب والذي سيبقى لهم اليد والعين، وسيكون معهم في الضراء قبل السراء ولن نفرق بينها وبين أرض البحرين، فهي أرض واحدة؛ أرض السلام والإسلام وأرض حملتنا جميعاً، فمن منا لم يمشِ على تراب قطر ومن من أبناء قطر لم يمشِ على تراب البحرين، فنحن نفرح حين نراهم في البحرين ونقول لهم والله إنكم الأخوة الصادقة والصفاء وإنكم أهل المروءة والنخوة الذين لم ينقطع وصلكم يوماً ولم يغيب سؤالكم عن إخوانكم في البحرين لحظة.شعب البحرين الوفي لن ينسى وقفة إخوانه القطريين حين تعرضت البحرين للمؤامرة الانقلابية الفاشلة، ولن ننسى فرحتهم عندما انقشعت الغمة، فقطر وقيادتها وشعبها كانت حاضرة في كل دولة خليجية تعرضت لنكبة، وفي كل الظروف لا تخرج أبداً قطر عن سربها، وعندما تدعي الحاجة الملحة، وها هي الحاجة الملحة اليوم تدعو لالتفاف دول الخليج بعضها لمواجهة الخطر الذي لا يهدد البحرين فحسب؛ بل هو العدو الذي وضع نصب عينه جميع الدول العربية ومعها الخليجية، ولكنه يؤخر واحدة ويقدم أخرى حسب الظروف الإقليمية، وها هي الظروف الإقليمية تتغير وتتبدل، وقد تتغير لعبة هذا العدو بعدما سقطت دول عربية كبرى، وها هو قد التفت إلى اليمن وانتهى منها، والدائرة تدور حتى تصل إلى التحالف بالتغلب على ما يسمى «داعش»، ولكن سيكون حصاد هذه اللعبة لمصلحة إيران وأمريكا عندما تولى على سوريا حكومة موالية لإيران كما حصل في العراق.إنها اللعبة الصليبية الصفوية التي لم تتآخ يوماً مع بعضها إلا للقضاء على الدول العربية والإسلامية، حتى لا تبقى لهم باقية ولا يرتفع لهم بيرق، وما هذه الدول العربية والخليجية التي يستعينون بها اليوم إلا لتنفيذ خطة الشرق الأوسط الجديد التي أعلنتها كونداليزا رايس صراحة، ومهما نأت بعض الدول بنفسها إلا أن هذا العدو الأزلي لا يغفل عنها، فهي قد تكون الجزء الأهم من حساباته، وإنما ينتظر اللحظة والظرف المناسب، هو لن يغفل عنها؛ بل هناك خلاياه التي تتغلغل في كل مؤسسات دولهم وفي مدنهم الكبرى، وذلك حين يستولى أتباعهم على المؤسسات الحيوية فيها ويسيطروا على اقتصادها عندما تفتح هذه الدول باب الاستثمار لهم من شراء أراضٍ وإنشاء مصانع وموانئ، حتى تكون بعدها الدولة مهيأة وسهلة للانقضاض عليها دون أدنى مقاومة، فأتباعهم وصلوا إلى مراكز صنع القرار وسيطروا على المؤسسات العسكرية والأمنية كما فعل الحوثيون في اليمن، إنها التجربة التي يجب أن تضعها كل دولة من دول الخليج في حسابها.ثم لا بد أن نعود قبل الختام ونقول سلاماً طيباً مباركاً من شعب البحرين إلى قطر وإلى أهل قطر، سلاماً إلى دوحة الخليج دوحة الجمال الباهر الذي اكتمل السرب بحضورها وصفق بجناحه ليواصل مسيرته ليلتقي على جسر المحبة والسلام الذي لا ينقطع بإذن الله.