سطر شعب البحرين ملحمة تاريخية أمس الأول بخروج هذه الجموع من منازلها والاصطفاف في الطوابير، ليعرف القاصي والداني داخل وخارج البحرين بأن هذا الشعب يمثل نفسه بنفسه حين يناديه المنادي، وأن المارد يخرج حين يناديه الوطن، وأنه هو الأغلبية، فقد انتهى زمن احتكار تمثيل الأغلبية، ومن يدعي الآن أنه يمثل «شعب البحرين»، فقد ألقمه شعب البحرين حجراً، فهل تعلم من تحدث باسم الشعب هذا الدرس بعد تلك الصفعة القوية؟ سفراء العالم ووسائل الإعلام والوفود الأجنبية رأوا هذا الواقع بأم أعينهم، وأي جهة دولية أو بحرينية تتعامل مع أي طرف أو جمعية أو حزب أو تيار أو قوى سياسية من الآن فصاعداً على اعتباره ممثلاً لشعب البحرين سيأتيه الرد من الشعب البحريني نفسه، الذي خرج منه المسن والمريض والذي وقفت منه جموع محتجة بل وبكى بعضها حين رأى اسمه غير مدرج في الكشوف ولا يستطيع أن يخط اسمه في هذا اليوم التاريخي، هذا هو الشعب البحريني لو تعلمون فهل تعلمتم الدرس؟ إنها العزة إنها الكرامة التي أنبتت هذا الشعب الذي لم ولن يخضع رأسه لولي ولا لفقيه بل يخضع وينحني لحب هذه الأرض و ترابها، إنه البحريني الذي لا تعرفون ولا ترون.لقد كانت الوفاق كالقزم الذي ينظر إلى أصبع قدمه باحثاً عن الشعب فلا يجد إلا أتباعاً عند قدمه يصرخون معكم معكم يا علماء، فإذا به يسمع دوياً يقول له إنه بحريني وإنه ليس مع علمائه فرفع رأسه لكن قصره وضآلته منعته من رؤية القمة، فهل تعلم هذا القزم الدرس؟من جانب آخر، لقد كان بإمكان جلالة الملك أن يحل المجلس ويوقف الحياة السياسية كما فعلت البحرين عام 1975 حين تعرض جلالته لأكبر امتحان لمصداقية الإيمان والقناعة بالنهج الديمقراطي وبمشاركة الشعب في الحكم، لكنه أبى أن يفعل ذلك وأصر على الإبقاء على المجلس والاستمرار بالعمل به وقبل أن يخوض إلى جانب معركة الاضطرابات الداخلية التي تقودها تلك المجموعة، معركة دولية تهدد أمن وسلامة البحرين، ولم يكن الأمر سهلاً أبداً أن تخوض معركتين محلية ودولية في آن واحد وتبقي على ما قد يعتبره البعض مصدراً من مصادر التهديد للأمن وهو الإبقاء على المجلس النيابي، بل والإبقاء على جميع القوى السياسية موجودة وعاملة رغم أن إحداها وهي الوفاق كانت أحد عوامل تهديد الأمن والاستقرار هي الأخرى، وأوصلت البحرين إلى حافة الاحتراب الداخلي، ومع ذلك كله فقد خاض جلالة الملك الامتحان ونجح به بامتياز حين أصر على استمرار الحياة النيابية وأصر على أن تكون مخرجات أي حوار داخل المجلس الوطني، وأعانه شعب البحرين على هذا الخيار بالتزامه وانضباطه أمنياً ترك أمر تلك الطغمة الضالة للمؤسسة الأمنية أن تتعامل معها وفق الضوابط القانونية، ذلك أيضاً كان امتحاناً صعباً في ظل كل الاستفزازات التي مر بها هذا الشعب وهو يرى تلك الطغمة تحرق أرض وطنه وتقتل أبنائه وتهدده في عيشه، ومع ذلك ضبط النفس واختار أن يحتكم للصناديق وأن يبقي عليها من أجل مستقبل أجياله وينتصر للديمقراطية، فكان أن انتصرت البحرين واندحر من يعاديها وعزله الشعب البحريني في خندقه، فهل تعلمت تلك الطغمة الدرس؟من جانب آخر، كسر العديد من أبناء القرى طوق الخوف وتحدوهم، مترشحين وناخبين، وعلمت تلك الطغمة أنها لا تملك أن تسيطر على أبناء القرى إلا بوسيلتين اثنتين بالإرهاب وبالفتاوى الدينية وبغير ذلك لن يكون لهم وجود، وهذا خطأ الدولة التي تركت تلك المناطق تحت رحمة هذه الطغمة فهل تعلمت الدولة الدرس؟