هناك فجوة بين تقديم الحكومة لبرنامجها إلى مجلس النواب وبين تقديمها بعد ذلك مشروع الميزانية العامة للدولة للعامين 2015 - 2016، فحسب ما أعلنت الحكومة فإنها ستقدم برنامجها إلى المجلس في 6 يناير الحالي، في حين أنها ستقدم مشروع الميزانية بعد حوالي 3 أشهر من هذا الموعد أي في شهر مارس القادم، وهو الوقت الذي يكون فيه المجلس قد انتهى من مناقشة البرنامج أو أنه وضع عليه ملاحظاته واعتراضاته الأساسية في حالة رفضه وإعادته إلى الحكومة حسب التعديلات الدستورية الأخيرة.وفي كل الأحوال تبقى هناك مدة شهرين بين تقديم البرنامج والميزانية، وهي مدة فاصلة بين الاثنين ومعيقة لمناقشتهما بالنظر إلى الارتباط الوثيق بين البرنامج والميزانية، واعتبار كل منهما مكملاً للآخر ومعتمداً على الآخر لدرجة أن إقرار البرنامج لا يمكن أن يحدث إلا بعد الاطلاع على أبواب الميزانية وبنودها ومبالغ تمويلاتها للمبادرات والخطط والاستراتيجيات، وهي كلها موجودة بالتفصيل في مشروع الميزانية العامة للدولة. فإذا اتفقنا - كما أعلنت الحكومة أكثر من مرة - أن ميزانية الدولة ستكون مختلفة هذه المرة وأنها ستكون ميزانية أداء وبرامج ومبادرات كما نصت عليه الاستراتيجية الاقتصادية، وأنها لن تكون كالسابق ميزانية إيرادات ومصروفات فقط، فإن هذه البرامج والمبادرات لا يمكن أن تكون مختلفة أو بمعزل عن تلك البرامج والخطط والاستراتيجيات التي سترد في الميزانية.وبالتالي، فإن برنامج الحكومة هذه المرة وكما أعلن لن يكون برنامج عبارات إنشائية يدعو إلى تطوير وتحسين وإنجاز كل قطاع وكل مجال بحيث لا يستطيع أحد المحاسبة عند انتهاء مدته المقدرة بأربع سنوات، وإنما هو برنامج محدد وشفاف ومرتبط بالتكاليف وبالعوائد وبجداول زمنية تحدد الإنجاز. وأن مجلس النواب لن يستطيع مناقشة برنامج مثل هذا بعيداً عن مشروع الميزانية وما تحويه من برامج ومبادرات مطابقة أو متجانسة مع مثيلاتها في برنامج الحكومة بالإضافة إلى نصيب هذه وتلك من الإيرادات العامة وكذلك المصروفات العامة، أي أن الحكومة بحاجة إلى عرض البرنامج والميزانية في وقت واحد أو متقارب على الأقل.