في يوم واحد وصلتني رسالتان من صديقين؛ إحداهما مليئة باللوم والعتاب واتهامات لي بالانحياز ضد الوفاق وأمينها العام، والثانية مليئة بالمديح والتشجيع والتحفيز على الاستمرار في موقفي من الوفاق وأمينها العام. الرسالتان أثارتا دهشتي، والسبب هو أنني لست مع ولست ضد. لست مع الحكومة ضد الوفاق ولست مع الوفاق ضد الحكومة، ولا يسعدني انتصار أحدهما على الآخر. هذه الحقيقة لا تزال غير مستوعبة من قبل البعض، فأن أقول إن فلاناً مخطئ لا يعني بالضرورة أنني أقف ضده وأحاربه وألغيه، وأن أقول إن فلاناً مصيباً لا يعني بالضرورة أنني أقف معه قلباً وقالباً وأؤيده في كل شيء بما في ذلك الغلط. نظرية معنا أو ضدنا نظرية خاطئة ومؤذية، لا يمكن أن أكون معك في كل شيء، ولا أن أكون ضدك في كل شيء، هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن نستوعبها ونعود أنفسنا عليها، والسبب هو أنك لا يمكن أن تكون كل الخطأ ولا يمكن أن تكون كل الصواب، فأنت مركب من الخطأ والصواب، تخطئ وتصيب، فلا يمكن أن أكون معك وأنت مخطئ، ولا يمكن أن أكون ضدك وأنت مصيب. أنا ضد الخطأ من وجهة نظري ومع الصواب من وجهة نظري أيضاً، والقول من وجهة نظري يعني أنني يمكن أن أرى أمراً ما خطأ وهو صواب من وجهة نظرك، أو أراه صواباً وهو خطأ من وجهة نظرك أيضا، فالخطأ والصواب يظلان أمراً نسبياً، واتخاذ موقف ما من قضية ما كذلك نسبية وتقوم على عوامل معينة تختلف من شخص إلى شخص ومن مرحلة إلى مرحلة. زبدة القول إنه لا يمكن أن يكون الصواب كله عند طرف مثلما أنه لا يمكن أن يكون الخطأ كله عند طرف، لذا فإنني أثني على الصواب لأعززه وأنتقد الخطأ لأنبه إليه كي يتم تداركه والابتعاد عنه، والصواب والخطأ هنا من وجهة نظري أنا، أي أنه يمكن أن يكون صواباً أو خطأ.لنطبق هذا الآن على جمعية الوفاق، فنقول إنه لا يمكن أن تكون كل الوفاق على خطأ، مثلما أنه لا يمكن أن تكون كل الوفاق صواب. أنا مع صواب الوفاق لو توفر ولكنني ضد خطئها وهو كثير، مع مواقفها الموجبة التي تصب في صالح الوطن، ولكنني ضد مواقفها السالبة التي أرى أنها تصب في غير صالح الوطن. مع الوفاق إن أصابت وضدها إن أخطأت. لذا أقول إن تعبير الوفاق عن تعاطفها مع أمينها العام حقها، هو أمر طيب، لكنني أقول أيضاً إن بعض ذلك التعبير أدى إلى كثير من الفوضى والمشكلات، وبالتالي لا يمكن أن أكون مؤيداً له ولا بد أن أقف ضده. والأمر نفسه فيما يخص الجمعيات السياسية الأخرى؛ معها في الصواب وضدها في الخطأ. لا يمكن أن أكون معها إن أيدت الأجنبي ضد الوطن، ولا يمكن أن أكون معها إن أيدت التخريب والعنف، لكنني معها إن قدمت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وقالت عن الخطأ إنه خطأ وإن جاء من جهة مؤيدة لها، وعن الصواب إنه صواب وإن جاء من الحكومة التي تتخذ منها موقفاً.ما يحكمنا هو الدستور، وما ينظم حياتنا هو القانون، ننطلق من الدستور ونحتكم للقانون، هذا هو الأساس، فلماذا أقف ضد الوفاق أو غيرها لو التزمت بالدستور وأطاعت القانون؟ ولماذا أكون معها لو فعلت عكس هذا؟ هذه هي النظرية باختصار.
Opinion
رسالتان
06 يناير 2015