يبدو أن اللجنة البرلمانية المعنية بدراسة برنامج الحكومة قد انتهت من القراءة الأولى لهذا البرنامج وأنها توقفت طويلاً أثناء مناقشة كل محور أمام معضلة مزدوجة هي التمويل والتنفيذ وفق جداول زمنية، حيث أثبتت التجربة خلال السنوات الماضية تراجع وصعوبة تحقيق الاثنين معاً.فإذا كان هذا هو الحال في ذلك الزمن الهادئ والمزدهر فكيف هو اليوم في زمن الانحسار من حيث الدخل والوقت الضيق جداً لتدبير التمويل اللازم لبرنامج الحكومة المضخم إلى درجة الترهل والذي يحتاج إلى ضعفي الإيرادات التي كانت عليه في الأعوام 2011-2014 وليس 50% منها فقط كما هو الآن.ومن أجل وضع خطة إنقاذ سريعة تلائم بين الاحتياجات الأساسية والضرورية من ناحية والوقت القصير المتناقص فإن السلطتين التشريعية والتنفيذية بحاجة إلى تكثيف البرنامج المترهل الحالي في مبادرتين محددتين هما تقليص المصروفات وتنويع وزيادة مصادر الدخل، وكلتا المبادرتين لم يأت برنامج الحكومة عليهما بوضوح وبخطوات وأرقام تدعو للثقة والاطمئنان على إمكانية تحققهما.في ما يتعلق بتقليص المصروفات فيجب أن تبدأ بالباب الأول من الميزانية العامة وإعادة النظر في رواتب وامتيازات كبار موظفي الدولة وأعضاء السلطة التشريعية والمستشارين هنا وهناك ومن ثم إعادة النظر في مصروفات الميزانية العامة المتكررة والمشروعات والميزانيات المنوعة والملحقة وغيرها من المصروفات التي يمكن أن توفر حوالي 40% من المصروفات الحالية المدرجة.وفي ما يتعلق بتنويع وزيادة مصادر الدخل فعلى السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تأخذا بنظام الضرائب وهي أنواع مختلفة، ومنها ضريبة الشركات والبنوك التي أخذت بها دبي واستطاعت أن تخلق ميزانية متوازنة في 2015، فليس صحيحاً أن الإعفاء من الضرائب وسيلة جاذبة للاستثمار إنما الشفافية والنزاهة والقضاء العادل وعدم تدخل الحكومة هي الوسائل الداعمة للاستثمار.ومع هاتين المبادرتين تحتاج السلطتان أن تشرعا وتنتهجا للتخطيط والمحاسبة والمساءلة للإشراف على تنفيذ جميع المبادرات.