لو احتكمنا للقانون البحريني ومظلته الدستورية لما وجدت جمعية كالوفاق أصلاً، لأن تشكيلتها تخالف القانون والدستور، وبما أنها كغيرها من الكيانات تعطى ترخيصاً ثم نشرع لها قانوناً، فكان من المفروض حال تشريع القانون أن يستدعى القائمون عليها ويطالبونها بتعديل أوضاعها وفقاً للقانون أو تهدد بالغلق.وذلك لم يحدث .. ثم خالفت الجمعية القانون بدعمها وتحريضها على العنف ولو احتكمنا للقانون ومظلته الدستورية لأغلقت جمعية الوفاق بالشمع الأحمر لأن جميع أعضائها دعموا وحرضوا حتى أمس الأول على العنف والإرهاب وهي ممارسات تضع مساعد الأمين العام تحت طائلة القانون بل تضع الجمعية بأسرها تحت طائلته.للعلم حين نطالب بإغلاق جمعية الوفاق اليوم نذكر بأنه حين قاطعت الوفاق أول انتخابات تشريعية عام 2002 انتقدناها وطالبناها بتغيير رأيها والدخول للملعب السياسي لأن المصلحة العامة تقتضي أن تدار خلافاتنا السياسية عبر الأطر الدستورية وداخل القبة البرلمانية لا عبر الشارع. للعلم أول من استضاف أعضاء من كتلة الوفاق البرلمانية في تلفزيون البحرين كان برنامج كلمة أخيرة، بل واستضاف العديد من الأسماء الأخرى من شورى الوفاق ومن أمانتها العامة.للعلم أول أيام الأزمة اتصلت بأعضاء من كتلة الوفاق ودعوتهم لبرنامج كلمة أخيرة وقبلوا لكنهم عادوا واعتذروا.للعلم حتى أثناء الأزمة حين أعلنت الوفاق نيتها بالانسحاب من البرلمان كنت أكثر المعارضين لهذا القرار بل إنني قمت بحملة أحث فيها أعضاء المجلس النيابي بعدم قبول الاستقالة وأعلنت رأيي هذا عبر مداخلة في تلفزيون البحرين.وحين تقرر غلق جريدة الوسط كتبت حينها أنني ضد غلق الجريدة فلسنا في خلاف مع (الاختلاف) ولا ديمقراطية بلون واحد.والشيء بالشيء يذكر حين ظهر ما يسمى بالتقرير كان موقفي رافضاً لهذا النهج من التفكير من حيث المبدأ وكتبت مقالاً ألوم فيه الجمعيات السنية السياسية، ألومها لعدم إعلان موقفها المبدئي ويومها قابلت منصور الجمري وزوجته في أحد محلات بيع السيراميك وقال لي كيف لك أن تغردي خارج السرب؟!!وأذكر في ذات السياق انسحابي من تقديم برنامج كلمة أخيرة لأن إدارة التلفزيون اقتطعت من جواب الأخت عفاف الجمري فقرة مدتها عشر دقائق، واعتذرت لها علناً وكتبت فحوى ما قطعته إدارة التلفزيون في مقالي وانسحبت احتراماً لكلمة أعطيتها لضيوف بألا يقتطع حرف واحد مما يقولون.وحين عملت كتلة الوفاق في اللجنتين البرلمانيتين للتحقيق في أملاك الدولة وفي شواطئها وسواحلها ساندنا وبقوة عمل هاتين اللجنتين دونما تحفظ.هذه المقدمة هي لتوضيح موقفنا المبدئي من إدارة الاختلاف مع خصومنا في العمل السياسي بأنه خلاف صحي ومشروع بل وضروري ما دام ضمن الأطر الدستورية والضوابط القانونية، موقف يؤكد أننا لسنا ضد الاختلاف في الرأي، ولا يخيفنا من خالفنا الرأي ولا نخشى مواجهة الحجة بالحجة، ونحن مع أي عمل سياسي يكافح فساداً أو يضبط هدراً أو تسيباً في المال العام أو في عموم ثروات وأملاك الدولة حتى وإن قاد هذا العمل خصومنا السياسيين، فنسانده لأن الصالح لعام مصلحة مشتركة بيننا، بل إننا نملك قدراً من الجرأة تتيح لنا أن ندافع عن وجود الآخر بكل ما نملك. اليوم حين نطالب السلطات بغلق جمعية الوفاق، فما ذلك إلا لأنها خرجت عن الإطار الدستوري الذي يضع حدود وضوابط إدارة هذه الخلافات بيننا وبينها ولجأت للشارع، إذ يبدو أن قرار الوفاق بالمشاركة في الفصلين التشريعين 2006 و2010 والتخلي عن العنف والاكتفاء بالعمل السلمي، قراراً هشاً ضعيفاً رخواً مقابل كيل الاتهامات التي وجهتها لها تيارات الوفاء وحق والخلاص اعتراضاً على هذا القرار، كان قراراً متعثراً خجلاً سرعان ما تخلت عنه ونزعت ثوب الإطار الدستوري وأخلت بقسمها وأخلت بعهدها الذي يجمعها مع بقية أطياف المجتمع البحريني وانحازت للتيارات المنافسة أي انحازت للعنف والإرهاب.بل ولم يردعها سيلان الدماء على أرض البحرين بسبب هذا الخروج من كلا الطرفين، وقد كان أجدى بها التمسك بأضعف الخيارات السلمية وهو الاعتزال حتى ينتهي العنف والإرهاب من الشارع، لكنها انجرت وورطت نفسها وهي الآن عاجزة عن الخروج من هذا الموقف الذي وضع حداً فاصلاً بين المجتمع البحريني وبينها، لذلك فإن مناداتنا اليوم برفع دعوى قضائية للمطالبة بغلق جمعية الوفاق تنطلق من ذات الموقف المبدئي الذي ألزمنا أن ندير اختلافاتنا ضمن الأطر الدستورية، أما وأن تخلى أحد الأطراف عن تلك الأطر وخرج عليها، وساند وحرض وبيض الأعمال الإرهابية فإن ذلك إخلال بالعهد الذي يجمع بيننا وبينه، ومن حقنا محاسبته وفق ذات الأطر القانونية التي دافعنا بها عنه. لذلك فإن دفع القوى السياسية للتحاور معها بدلاً من محاسبتها وفقاً للقانون هو إخلال بالعهد والميثاق الذي صوتنا عليه ومنح للإرهاب صفة الشرعية.