بحسب شيابنا فإن كلمة «مردويسة» تعني في القاموس التراثي البحريني -والكويتي أيضاً- الفوضى أو الأمور المبعثرة أو اختلاط الأمور ببعضها بعضاً، ولعل الكثيرين يتذكرون المثل الشهير عن فوضى الأولاد حينما نقول: «اليهال خلوا البيت مردويسة»!جرب اليوم أن تسأل بعض الشياب عن الكلمة، أي «مردويسة». وتوقعنا هنا بأن يكون ردهم على السؤال -بنسبة 90%- عبر قولهم بأن «الديرة اللي صايرة مردويسة»! طبعاً هذا تعبير عن الفوضى الحاصلة في عدة جهات وعلى مختلف الأصعدة، وإن كنتم تريدون التأكد من حالة «التمردس» لدينا، فقط افتحوا أي صحيفة واحسبوا عدد الكوارث المنشورة فيها، وتحديداً الحالات المعنية بسوء أداء وتخبطات وفشل في تلبية تطلعات المواطنين والأخطر التدهور في التطوير والتصحيح.سنطرق بعض الأمثلة تضمنتها صحافة أمس لنؤكد صحة القول أعلاه.أول مثال؛ خبر معني بما انتشر عن وفاة شاب بحريني متأثراً بفيروس «كورونا» بحسب ما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي. وزارة الصحة نفت صحة الخبر واعتبرته شائعات باعتبار أن الفحوصات جاءت سلبية.هنا نقول «الحمد لله» بشأن الفيروس طبعاً، لكن المصيبة أن الشاب توفي بالتالي «رحمه الله» وصبر أهله، والكارثة بأن الجهات الصحية المعنية لم تؤكد أسباب الوفاة ووصفتها بـ»المجهولة»، وعليه سيتم إرسال عينات للخارج لإجراء التحاليل وعلينا انتظار من خمسة أيام إلى أسبوع لمعرفة النتائج، ولربما تكون «كورونا» أو لا! وزارة الصحة والقطاعات المرتبطة بها تمثل قطاعاً كبيراً ومن الشاق جداً إدارته بطريقة تصل إلى «الكمال»، لكن هناك بعض الأمور التي تدفع الناس لاعتبار أن ما يحصل مقلق ولا يبعث على الثقة.«المردويسة» الأخرى، عفواً المثال الثاني، يقول «فرع» إدارة مكافحة الفساد في الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، إن عدد قضايا الرشوة التي باشرتها الإدارة في عام 2013 بلغت 27 قضية، وفي عام 2014 حتى الآن باشرت 33 قضية «يعني الذمم صارت أوسع عن العام الماضي»!المشكلة أنه حينما تورد مثل هذه الأخبار يتبادر لذهن المتلقي سؤال واحد لا غير وهو: ماذا كان مصير الراشي والمرتشي هنا؟! وهل طبق القانون، أم سارت الأمور بالطريقة العربية الشهيرة، «هدوه ولدنه أخونه وعزيز علينا»؟! الناس تحتاج أرقاماً صريحة معنية بالنتائج، يجب أن تتعزز الثقة في القانون، إذ إن إيراد أرقام هكذا دونما توضيحات لن يكون سوى للاستهلاك الإعلامي، ولا تلوموا الناس إذ هم يقرؤون «بلاوي» ديوان الرقابة كل عام ولا يرون أن هناك من تتم محاكمته أو القبض عليه أو حتى فصله. ولا تقولوا بأن بعض المخالفات ليس فيها «راشٍ ومرتشٍ»، وأيضاً لا تلوموا الناس إن «تحلطمت» وقالت: «ولد الحمولة لو باق جبل ما يحاسبونه»!«مردويسة» ثالثة، وهذه الصراحة طولت بشكل «يثير الغثيان»، ونعني العلاقة «المشبوهة» التي تربط وزارة العمل بالاتحاد العام لعمال البحرين «الاتحاد الانقلابي التحريضي»، وفي جانب آخر تعامل الوزارة بأسلوب «الابن العاق» مع الاتحاد الحر الذي يعاني طوال الأعوام الثلاثة الماضية.رغم الكلمة الصريحة والواضحة التي ألقاها رئيس الاتحاد أمام جلالة الملك حينما استقبل رئيس ومجلس إدارة الاتحاد الحر «غير المسيس» وبحضور وزير العمل، والتي طلبوا فيها من الملك ألا يقبل بمعاملة غير سوية تطالهم من الوزارة المتهمة بالتحيز للاتحاد الانقلابي والتي لم تتخذ ضده إجراء قانونياً واحداً، رغم ذلك نقول، فإن وزارة العمل مازالت تعامل الاتحاد الانقلابي وكأنه «الولد المدلل» الذي يحصل على كل شيء حتى لو كسر كل شيء وحتى لو «صفع» وجه والده عن عمد وقصد.آخر الأخبار تقول -بحسب ما نشره الاتحاد- إن الوزارة تضيق عليهم حتى لا تتم تسميتهم ممثلاً للعمال في الخارج ويظل ذلك حكراً على اتحاد «الولد المدلل» الذي شرب في كل «استكانات الشاي» في مكتب الوزير «اللي ما يحبكم»! وأخيراً وليس آخراً «إذ لو أحصينا كم مردويسة في البلد ما بنخلص»، موضوع الحضانات والتجاوزات التي تحصل فيها بحق الأطفال، يبدو أنه سيتم نسيانه وسينشغل طرفا القضية «النواب والوزيرة» في سجال لإثبات قوة أي طرف على الآخر، فالوزيرة اعتبرت أن النواب انتقصوا من «إنجازات» وزارتها، والآن النواب يطالبونها باعتذار باعتبار أنها «استخفت» بهم ولم تتعامل بمسؤولية مع الموضوع ولم توفق في تصرفها في الجلسة.نحن كمواطنين نقول ونطلب راجين، انهوا هذا السجال بسرعة، أقلها حتى يتم التركيز على موضوع الحضانات بما يحمي أطفال الناس، وقصة «الاعتذار» من قبل الوزيرة «لاحقين عليها»، يمكن تحصل أو يمكن لا، والأرجح بأنه «لا»، فتجربة النواب السابقة مع «الوزيرات» لا تبشر بخير، ودائماً ما تنتهي بتوصيفات يستخدمها الناس لـ»فش غلهم» في كثير من النواب الذين «ناموا وناموا» طوال أربع سنوات وها هم اليوم يصحصحون ويستعرضون بسبب قرب موعد الانتخابات.عموماً، أضيفوا قضايا عديدة مثل زيادة الرواتب، والعجز الإكتواري، وفشل استجواب فراش أي وزير، والقانون الذي يحتاج للدعاء بأن «يفك أسره» حتى يطبق، وغيرها من الأمور، حتى تعرفوا بأنه وبدون مبالغة «الديرة صايرة -بالفعل- مردويسة»!