تغليب المصلحة العليا من أجل تجاوز خلافات مرحلية خطوة مهمة خليجياً بعد اجتماع المجلس الوزاري السبت الماضي، ولكن المحصلة النهائية هي الانتقال من مرحلة الخلاف إلى مرحلة اللاحسم.في اللاحسم هي مرحلة مفتوحة بدون إطار زمني، تبقى فيها عوامل الخلافات ومسبباته، وهي بصريح العبارة مرحلة اللا معالجة للأزمات. وبالتالي تبقى الأزمات مفتوحة على كل الخيارات الراهنة، والسيناريوهات المستقبلية.وإذا كان هناك خلاف واحد بين دول الخليج اليوم، فإن الوضع سيتحول لعدة خلافات مستقبلاً مادامت تراكمات الخلافات قائمة، ولن يكون مستغرباً أن تظهر أزمات متعددة في المستقبل مادام الخيار الحالي هو الاستمرار في اللاحسم.حتى نفهم حالة اللاحسم، فيمكن عرض إسقاط سريع على معاناة البحرين مع هذه الحالة منذ بضع سنوات عندما اعتمدت استراتيجية اللاحسم لأسباب مختلفة لها وجاهتها في جوانب كثيرة. هذه الاستراتيجية كان الهدف منها الخروج من حالة الأزمة فانتهت هذه الحالة، وانتقلت إلى حالة اللاحسم لتظهر مجموعة من الأزمات الصغيرة التي تتطلب معالجات فورية عاجلة غير قابلة للتأخير، لأن كثرة الأزمات من الممكن أن تقود إلى أزمات أكبر لاحقاً.هذه الحالة تنطبق على العلاقات الخليجية ـ الخليجية في وقت تواجه فيه دول مجلس التعاون الخليجي تهديدات سياسية داخلية، وتهديدات أمنية خارجية غير مسبوقة.دول مجلس التعاون اعتادت على مواجهة أزمات متفرقة وعشوائية، ولكنها لم تعتد على مواجهة منظومة من التهديدات المنظمة داخلياً وخارجياً في نفس الوقت. فعلى سبيل المثال؛ إذا كانت طهران تمثل تهديداً لدول المجلس من الناحية التاريخية منذ فبراير 1979، فإنها اليوم لا تواجه النفوذ الإيراني فحسب، لأن النفوذ صار منتشراً على مدى جوارها الجغرافي في الشمال والشرق والجنوب، وداخل مجتمعاتها أيضاً. هذا مجرد مثال، لأن التهديدات لا تقتصر على طهران فقط، بل تشمل قائمة طويلة مازالت غير معرّفة وغير متفق عليها خليجياً.أولى نتائج الانتقال إلى مرحلة اللاحسم في السياسات الخليجية هو التباينات الكبيرة في المواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية. وتباين المواقف يعكس الاختلاف في المصالح، واستمرار الاختلاف إما أن يؤدي إلى المزيد من إضعاف العلاقات الخليجية ـ الخليجية، أو انعدام حالة الثقة الخليجية التي ميّزت هذه العلاقات لعقود عدة.يبقى المستقبل الخليجي مفتوحاً على كل الخيارات مادامت الإستراتيجية هي نفسها إستراتيجية اللاحسم تبقى فيها كافة الأطراف على درجة من التأهب لأي مواجهات محتملة مع التهديدات الداخلية والخارجية وهي أكثر مما قد نتصور.
Opinion
دول الخليج تختار اللاحسم لمستقبلها
01 سبتمبر 2014