كما رأينا من رد وزارة الإسكان على تقرير ديوان الرقابة المالية أنها أشارت إلى «تحديث الخطة الاستراتيجية لوزارة الإسكان للسنوات 2011-2016»، لكنها لم تذكر شيئاً عن تفاصيل هذه الخطة الاستراتيجية ولا حتى ملامحها، ولم تقل أي الجوانب في الخطة التي سيجري الإبقاء عليها وتلك التي سيتم تحديثها.وأنها بدلاً من ذكر ما يفيد بوجود الخطة الاستراتيجية أساساً - وهي ما أنكر الديوان وجوده أصلاً - قفزت وزارة الإسكان إلى الحديث عن تحديث ومن ثم تقييم الخطة «بما يتطابق والخطة المالية»! ، ليس هناك خطة مالية وإنما مخصصات مالية تغطي متطلبات الخطة الاستراتيجية.وفي إطار الخطة الاستراتيجية ستضع الوزارة «خطط تنفيذ سنوية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية عبر تشكيل لجنة برئاسة وزير الإسكان تعنى بإعداد سياسات سكانية مرنة وواضحة وقابلة للتنفيذ....»، وهي كلها إجراءات أو تفاصيل تعقب وضع الخطة الاستراتيجية العامة والشاملة وتشكل البرامج التنفيذية لها.غير أن الملاحظ أن وزارة الإسكان تمادت في الحديث عن تفاصيل وجوانب لخطة استراتيجية، وتعمدت أن تتهرب من الاعتراف بغياب هذه الخطة، وبأنها كما قال ديوان الرقابة كانت ومازالت تعمل بدونها، «الأمر الذي يثير التساؤل حول مدى تماشي الأنشطة التي تزاولها الوزارة والمشاريع التي تنفذها» والواقع أن غياب خطة استراتيجية للاسكان ليس وليد اليوم، وليست مسؤولة عنها الوزارة الحالية وحدها ولا حتى وزارة الإسكان بصفة عامة، وإنما هي خطة مفقودة منذ عام 1975 عندما أعلنت الحكومة الجديدة - وقتها - وفي مؤتمر صحافي حضرته بنفسي عن اهتمامها الجدي لحل مشكلة الإسكان بصورة نهائية، وإنها وضعت خطة زمنية مبرمجة معتمدة على عدد الطلبات الحالية والمستجدة سنوياً، تقضي هذه الخطة بإنهاء المشكلة الإسكانية وتلبية جميع الطلبات في غضون أربع سنوات، أي بنهاية عام 1979.وبعد انقضاء ذلك الموعد أصبحت مشكلة الإسكان أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 1975 وأكثر تعقيداً، وأنه على مدى 35 عاماً من الحل الموعود تشكلت اللجنة العليا للإسكان ومعها تشكيلة من وزارات الاسكان المرتبطة تارة بالبلديات وبالزراعة والأشغال، وفي خضم هذا التنوع نسي الجميع وضع خطة استراتيجية للإسكان.