كما كان مخططاً له استوعبت مدينة حمد الآلاف من أصحاب طلبات المساكن والقسائم السكنية، ورحل إليها المواطنون من كل مناطق البلاد، وأصبحت تلك البقعة الوعرة والقاحلة مدينة عامرة بالحركة والحياة، لكن ذلك الاستيعاب كانت له حدود، بعدها أخذت الطلبات على المساكن تتقاطر على وزارة الإسكان، ثم تتراكم لتعود الهوة في الاتساع من جديد بين تزايد هذه الطلبات والإمكانيات المتوفرة لاستيعابها.مرحلة التسعينيات شهدت جموداً إن لم نقل انحسار المشروعات الإسكانية، الأمر الذي جعل أعداد الطلبات على المساكن والقروض والقسائم السكنية تتراكم، ومع بداية القرن الحالي أخذت هذه الطلبات تتزايد لتصل في السنوات الأولى إلى 18 ألفاً ثم 21 ألف طلب، ثم تقفز إلى 34 ألف طلب في حوالي عام 2005 ثم إلى 43 ألف طلب في 2007، ومع أن المشروعات الإسكانية المناطقية كانت قد تحركت، وبدأنا نسمع عن توزيعات للوحدات الإسكانية هنا وهناك، إلا أن عدد الطلبات استمر في صعود حتى فاق اليوم 57 ألف طلب وبوتيرة زيادة سنوية لا تقل عن 5 آلاف طلب.فالمشهد كما تابعناه في التسعينيات والـ14 سنة الأخيرة يدلنا على أنه رغم الإعلان عن مشروعات وتوزيعات إسكانية إلا أن الطلبات على الخدمات الإسكانية تتزايد وتتضاعف، وأن الحلول المناطقية الجزئية لم تعد قادرة على تقديم الحلول واستيعاب تلك الطلبات.ولذا ومع مطلع عام 2002 تقريباً جاء القرار بإنشاء لجنة الإسكان والإعمار برئاسة صاحب السمو ولي العهد بهدف الارتفاع بمستوى وضع الحلول للمشكلة الإسكانية، وبالفعل باشرت اللجنة المذكورة تحركها بالإعلان عن أن الحل يتمثل في إنشاء المدن، وأن البحرين بحاجة إلى أربع مدن إسكانية كبيرة تم إنجاز اثنتين منها (مدينة عيسى ومدينة حمد) وعلى الجهود أن تتركز الآن لإنجاز المدينتين الأخرتين وهما المدينة الشمالية والمدينة الجنوبية.لكن العقبات اعترضت إنشاء المدينة الجنوبية منها أخطار التلوث الناجم من إفرازات مدخنة شركة ألبا والتي قيل إنها سببت أمراضاً للسكان جنوب الشركة، ومنها أن المنطقة الجنوبية محمية طبيعية غير مسموح البناء فيها بالإضافة إلى كونها منطقة أمنية وعسكرية.أما المدينة الشمالية فمنذ أن وضع حجر الأساس لها في عام 2002 وهي تتعثر وتتلاشى على أرض الواقع بعد قضم كل جزء منها.