كان الحراك السياسي للانتخابات النيابية والبلدية المقبلة مبكراً للغاية، فهو بدأ قبل نهاية الفصل التشريعي الثالث بخلاف الحراكات السياسية السابقة التي كانت تبدأ تدريجياً بعد انتهاء الفصول التشريعية مباشرة. ففي خضم الاستعدادات الأولية للمترشحين والجمعيات السياسية، حاول البعض إثارة مسألة المشاركة والمقاطعة تجاه الاستحقاق الانتخابي، وهذه الجدلية ليست بجديدة، حيث كانت مثارة في العام 2002، والآن هناك من يحاول إثارتها مجدداً رغم أنه من اللافت أن هناك كوادر سياسية محسوبة على جمعيات سياسية معتدلة هي التي بادرت بإثارة هذه المسألة لدى الرأي العام. فأحد النواب السابقين كشف عن تناقضات فكره السياسي المخالف للجمعية السياسية التي ينتمي لها، وطرح فكرة مقاطعة الانتخابات ومبرراته في ذلك أن المجلس المنتخب الذي كان عضواً فيه «بدون صلاحيات»!لم تحظَ مسألة المقاطعة والمشاركة في الانتخابات باهتمام كبير لدى الرأي العام بقدر ما حظيت لدى المهتمين بالانتخابات والشأن العام. والاهتمام هنا بدوافع خاصة تتعلق بتحليل الأوضاع السياسية خلال الفترة المقبلة، وطبيعة التحولات التي يمكن أن تطرأ على المجتمع والمشهد السياسي المحلي في ظل أجواء سياسية وأمنية معقدة وغير مستقرة في الشرق الأوسط. التحول الأبرز في انتخابات 2014 أنها جاءت لتعيد هندسة المشهد السياسي في البحرين من جديد ليكون مشهداً مقارباً لذلك المشهد الذي صدم به البحرينيون في العام 2002. ففي ذلك العام كانت بداية التحول السياسي، وكانت هناك قوى سياسية تعمل سراً بالخارج، وأخرى تعمل علناً بالداخل، والرأي العام لا يعرف مدى نفوذ تلك القوى السياسية لأنها لم تختبر قط طوال أكثر من ربع قرن. وعندما أجريت الانتخابات البرلمانية بات واضحاً نفوذ تلك القوى السياسية، وتعزز هذا الرأي في انتخابات الفصل التشريعي الثاني عام 2006. قبل أسابيع قليلة تم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في حوار التوافق الوطني خلال صيف 2011 من أن تكون الدوائر الانتخابية أكثر عدالة ومساواة وتمثيلاً بين المواطنين. فتغيّرت الخريطة الانتخابية من جديد بعد أن أعيد تقسيم الدوائر في فترة زمنية طبيعية تستغرق عادة 10 سنوات تقريباً. اللافت أن الجمعيات السياسية والمترشحين، وحتى النواب الحاليين والسابقين لم يستوعبوا بعد التحوّل الذي حدث بعد إعادة توزيع الدوائر الانتخابية، فمازالت النظرة السابقة من أن هذه الدائرة أو المحافظة حكراً على هذا التيار أو على تلك الجمعية أو هذه الشخصية أو جماعات معينة. انتخابات 2014 اختبار حقيقي جديد للناخبين، وامتحان فعلي للمترشحين المستقلين والمنتمين للجمعيات السياسية. فجميع القوى السياسية مرشحة للانحدار أو للصعود، والعامل الرئيس الذي سيحسم هذا الاختبار قناعات الناخبين التي يعتقد أنها تبدلت وطرأ عليها الكثير من المتغيرات خلال عقد من الزمن.
Opinion
تحولات انتخابات 2014.. صدمة بدون استيعاب
13 أكتوبر 2014