في أغسطس الماضي نظمت المحافظة الشمالية برنامجاً صيفياً مهماً أطلقت عليه اسم «فرسان الشمالية» شارك فيه مائة طالب وطالبة ممن تتراوح أعمارهم بين الثانية عشر والسادسة عشر، واهتم بتنمية قدراتهم الذاتية وإكسابهم المعارف والمهارات التي تصب في تنمية الروح الوطنية والعمل لخدمة المجتمع . تم تنفيذ البرنامج على مدى شهر كامل على هيئة معسكر صباحي، تضمن العديد من الأنشطة والندوات والمحاضرات وورش العمل والمسابقات الرياضية والزيارات الميدانية.البرنامج يأتي ضمن الاستراتيجية الوطنية «كلنا شركاء في السلام» التي سبق أن أطلقها محافظ الشمالية وتهدف إلى ربط الأمن بعملية التنمية المستدامة ونشر ثقافة المواطنة والولاء للوطن وتعزيز دور الشراكة المجتمعية بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص ونشر فكر التعاون والمحبة والسلام والعمل على خدمة المجتمع بكل مكوناته لتعزيز السلم الأهلي وغيرها من أهداف وطنية يتم تحقيقها من خلال برامج ميدانية.المشاركون الذين تم استقطابهم من بيئات مختلفة بالمحافظة الشمالية تم تدريبهم بشكل عملي على طرق الاتصال والتعامل مع الآخرين، ورأى من شارك في البرنامج من المدربين أنهم لمسوا تغيرات واضحة في سلوك الطلبة المشاركين، وأن البرنامج حقق أهدافه. كان مهماً التذكير بهذه المعلومات التي نشرت فترة تنفيذ هذا البرنامج اللافت من خلال الصحف التي غطت تفاصيله لأنها تؤكد على أن بالإمكان إحداث تأثير إيجابي في سلوكيات الطلبة في هذه السن (12 - 16) بشكل خاص فهم طينة قابلة للتشكيل، إن لم تتمكن الجهات المعنية بالدولة من التدخل وتشكيلها بالطريقة التي يمكن بها تسجيل المنتمين إليها في فئة «المواطن الصالح» ستتمكن الجهات الأخرى من تسجيل أسمائهم في سجل المواطن الذي لا يعرف قيمة وطنه ويستهويه الإساءة إليه والتفريط فيه. معظم الذين يقومون بأعمال التخريب تتراوح أعمارهم بين 12 - 20 سنة، وهذا يعني أمرين؛ الأول أن المتورطين في أعمال الشغب لم يتم تأهيلهم بالشكل الكافي الذي يحميهم من الوقوع في براثن المستفيدين من عمليات التخريب، والثاني أن بإمكان الدولة أن تمنع عمليات التخريب أو على الأقل تقلل من أعداد المشاركين فيها من خلال تنفيذ برامج اجتماعية تؤهلهم كي يكونوا فاعلين وإيجابيين في المجتمع ويصعب توظيفهم من قبل أهل السوء بالشكل الذي يتم حالياً.برنامج «فرسان الشمالية» الذي قامت بإعداده وتنفيذه المحافظة الشمالية بالتعاون مع العديد من الجهات ذات العلاقة في الدولة، مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة ومديرية شرطة المحافظة الشمالية، برنامج يحسب للمحافظ علي العصفور الذي أعطى مثالاً على الفارق بين «التحلطم» والعمل، فقد بادر ونفذ البرنامج على أرض الواقع ليكون مثالاً يحتذى، وليكون رداً عملياً على أولئك الذين للأسف اعتبروا الأبناء مجرد أدوات يستخدمونها في حربهم ضد وطنهم. ولأن برنامج «فرسان الشمالية» مثال يحتذى لذا فإن من المهم تكراره وزيادة رقعته وأعداد المشاركين فيه في الصيف المقبل، بحيث يتم تنفيذه في المحافظات الأربع ضمن استراتيجية واضحة وخطط مدروسة، كما إن من المهم عمل دراسة طولية للمشاركين في البرنامج، وهو ما يعني رصد سلوكهم في السنوات التالية لمعرفة مدى استفادتهم الحياتية من البرنامج وللتأكد من نجاح الاستراتيجية الموضوعة. إخضاع الطلبة في هذه السن لهذا النوع من البرامج على مدى العام، وليس في فترة الصيف فقط، من شأنه أن يحمي الطلبة من المريدين السوء لهذا الوطن وسد باب مهم في وجههم، ذلك أنهم إنما يستغلون الظروف المجتمعية والنفسية التي يعيشها الأبناء، وعلى الخصوص في القرى، فيزينون لهم ويتخذونهم أدوات ومطية لتحقيق أهدافهم قبل أن يرموهم أو يرمى بهم في السجون.تحية لكل من عمل على مكافحة الشر من خلال هذا البرنامج الذي أغاظ المخربين