قد يكون لدينا كمواطنين امتعاض من أمور كثيرة حدثت وتحدث في الشأن الداخلي بعد أحداث 2011، أو أننا نقول لماذا تتأخر إجراءات وخطوات كثيرة، ولماذا لا تحدث الأمور بشكل أسرع مادام تحقيقها يأتي في صالح البحرين وسيادة البحرين.هذا شعورنا كمواطنين، وأحسب أننا على حق بحسب ما نرى أمامنا، إلا أنه بالمقابل هناك أمور تتم وتحدث بشكل متدرج ومتصاعد وتصب في صالح الوطن، وهذا أيضاً فيه من الفكر ومن الروية والحكمة ما فيه، غير أن الأهم هو أن تتم الأمور التي تصب في صالح الوطن وتتحقق، حتى وإن حدث بعض التأخير، فما مررنا به درس قاس يحتاج إلى عمل كبير ومستمر ومتواصل ليل نهار.جزء كبير من انفراجات الساحة المحلية، وجزء كبير من حالة الخيبة والهزيمة التي ترون عليها الجمعيات الانقلابية الطائفية ذات التوجه الإيراني، هو ما تقوم به البحرين خارجياً بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى -حفظه الله- من جهود كبيرة لتقوية وبناء علاقات تقوم على الاحترام والتعاون والمصالح المشتركة مع دول عظيمة.يدرك من يغدرون بالبحرين ذلك، فقد أخذوا يقولون بصوت مرتفع، إن هناك من باع قضيتهم بالخارج، وإنهم كانوا يظنون أن الأطراف الخارجية ستبقى معهم ومساندة لهم، لكنهم يتلقون الصفعات تلو الأخرى، كل ذلك بفضل انتهاج البحرين بقيادة جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد -حفظهم الله- سياسة خارجية ذكية وحكيمة ساهمت كثيراً في توضيح حقيقة الأمور في البحرين، وفي نزع الغطاء والدعم عن الانقلابيين الذين ظنوا أن المستقبل لهم.حكمة جلالة الملك في بناء علاقات صداقة وتعاون اقتصادي وتجاري واستثماري وثقافي وسياحي وعسكري مع دول الشرق القوية كان ولايزال يربك من يتربص بالبحرين، سواء كانت جماعات أو دول، فقد تم تأسيس علاقات قوية مع الصين العظمى (وقد تخطى مؤخراً حجم الاقتصاد الصيني، حجم الاقتصاد الأمريكي، وأزاحت أمريكا من المركز الأول في العالم) ومع روسيا القوية، مع الهند كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية مؤثرة آسيوياً وعالمياً، ومع اليابان وهو بلد مهم جداً، ومع كوريا الجنوبية وتايلند وماليزيا وسنغافورة، وكلها دول قوية ومؤثرة جداً.هذا التوجه في السياسة الخارجية البحرينية بقيادة جلالة الملك يربك حتى بعض (الأصدقاء) ممن يظنون أن البحرين تتكل عليهم وحدهم، فباستطاعة البحرين اليوم أن تعتمد على أصدقاء من أوروبا، ومن دول الشرق كروسيا الاتحادية، وقد أثبت الروس ـ حتى وإن اختلفنا معهم في هذا الموقف- أنهم أوفياء لحلفائهم ولا يتخلون عنهم، كما هو في سوريا، ولا ينقلبون عليهم أو يتآمرون عليهم، كما فعلت معنا أمريكا.بينما هنا كان يتحالف ضدنا الأصدقاء الأمريكان، ويحيكون ضدنا المؤامرات التي أرادوا أن تنقلب فيها الأمور لصالح الانقلابيين أصحاب التوجهات الإيرانية.في الخارج أخذ البعض يحلل موقف البحرين في 2011، وماذا حدث، وكيف استطاعت هذه الدولة الصغيرة الصمود في وجه المؤامرات الداخلية والخارجية ووقفت في وجه العاصفة. بينما تهاوت دول كبيرة وجيوش عظيمة، فمن بعد حفظ الله وتوفيقه سبحانه، فإن رب العباد ألهم جلالة الملك إلى اتخاذ مواقف ذكية وحكيمة قلبت الطاولة على المتآمرين، حتى أن بعض المحللين وصفوا هذا ما فعلته البحرين في عمق العاصفة (بالدهاء الكبير) وقد بدأ هذا الدهاء بدخول قوات درع الجزيرة، وانتهى بتشكيل لجنة تقصي الحقائق من داخل البحرين، وليست مفروضة علينا من الخارج، وهذا أغلق باب التدخل الأممي الذي كان يسعون إليه.لله الحمد والمنة من قبل ومن بعد، هو سبحانه الذي ألهم قادة البحرين لاتخاذ المواقف الذكية والقوية، ونحمد الله أن الانقلابيين كل يوم في خسارة واندحار.على صعيد آخر من التطورات الحاصلة اليوم على الساحة، فإن ما حدث من استهداف لسمو الشيخ ناصر بن حمد -حفظه الله- إنما هو استهداف للبحرين من خلال الشيخ ناصر، وهذا في تقديري إنما هو ابتزاز من بريطانيا من أجل الحصول على أمور بعينها.كل هذه التهم الكيدية التي يقف وراءها متربصون بالوطن، قد ضاقت بهم الحيلة، ولم يبقَ لهم شيء يتكئون عليه من بعد هزائمهم السياسية، إلا هذه التهم الكيدية، لكن سبحان الله جاءت هذه التهم لتظهر المحب المخلص من الحاقد العميل، وأصبحت هذه التهم وكأنها استفتاء شعبي على محبة سمو الشيخ ناصر بن حمد -حفظه الله-.لا أتمنى أن نلقي بالاً أو نعطي حجماً أكبر لهذه التهم الكيدية، يجب تجاوزها، فالثابت على الحق لا يخشى تهماً كيدية، وأحسب الشيخ ناصر كذلك.معادن الرجل تظهر في الأزمات، وقد ظهر معدن أهل البحرين الحقيقيين في 2011، وظهر معدن مسؤولين مخلصين أيضاً، وظهر معدن سمو الشيخ ناصر بن حمد وسمو الشيخ خالد بن حمد في الأزمة، وقفتهما لا تنسى، حيث يظهر الرجال مواقفهم الحقيقية.الغرب وبريطانيا لا يفهمان سوى لغة المصالح، وأعتقد أن على الدول الثلاث البحرين والسعودية والإمارات مراجعة صفقاتهم وتجارتهم وعلاقاتهم مع بريطانيا على خلفية استهداف سمو الشيخ ناصر بن حمد، هم لا يفهمون إلا ذلك ويجب التحرك على هذا الجانب منذ الآن.زيارة جلالة الملك إلى روسيا في هذا التوقيت الحساس عالمياً بالنسبة لروسيا (مع إجراءات الغرب لفرض عقوبات على روسيا على خلفية قضية أوكرانيا) يظهر قوة وصلابة المواقف البحرينية في سياستها الخارجية، وقد فعل ذلك قبل الآن سمو ولي العهد -حفظه الله-، وكانت زيارة موفقة وناجحة ولها دلالات عميقة وكبيرة في ذلك الوقت. روسيا تحتاج إلى المياه الدافئة في الخليج العربي وإلى لعب دور بالمنطقة، وعلى الجانب الآخر فإن الخليج يحتاج إلى قوة المواقف الروسية دولياً ومن خلال مجلس الأمن، وإلى تنمية التعاون العسكري بشكل خاص، فلدى الروس صناعة متقدمة عسكرياً يمكن الاعتماد عليها، سواء في الطيران أو في المنظومات البرية المختلفة أو على صعيد الصواريخ والدفاعات الجوية.نجاح السياسة الخارجية لجلالة الملك حجمت الانقلابيين كثيراً وقصمت ظهرهم وجعلتهم يضربون بعضهم بعضاً، ويبدو أن المزيد من ذلك سيحدث..!!