انتهى ما يسمى بالربيع العربي إلى حالة من استقرار الفوضى ستستمر ردحاً طويلاً من الزمن، وأنتج هذا الاستقرار موجات عدة من التطرف انتهت إلى ظهور جماعات راديكالية متطرفة سنية بعضها والآخر منها شيعي، وهو ما يؤكد أن التطرف ليس له دين أو مذهب.نعود بالتاريخ قليلاً إلى العام 1979 عندما استطاعت حركة سياسية تتبنى أيديولوجيا ولاية الفقيه من تأسيس دولة (إسلامية) لها في إيران، تلك الدولة ادعت أنها تمثل الحكم الإسلامي، وأنها المستقبل الجديد للأمة الإسلامية وأنها الدولة المطلوبة لمستقبل المسلمين حسب الأيديولوجيا التي تنتهجها. ولكن الممارسات كانت مختلفة، حيث تميّز الحكم الثيوقراطي الإيراني بالإرهاب والإقصاء والعنف الطائفي، فانشغلت أعواماً طويلة في تصفية من يخالفها فكرياً ودينياً، وسعت سريعاً إلى نقل تجربتها (الإسلامية) إلى البلدان المجاورة من خلال مبدأ تصدير الثورة الذي أطلقه المؤسس الخميني. عندما حانت لدولة ولاية الفقيه الفرصة السيطرة على العراق بعد سقوط نظامه السابق في 2003، كررت تجربتها من جديد في التصفية الجسدية وفق أسس الهوية والانتماء الطائفي. وأسست كياناً ثيوقراطياً حديثاً مختلفاً من حيث الشكل ولكنه في المضمون استنساخ للتجربة الإيرانية لتتأكد في النهاية القناعة بأن أيديولوجيا ولاية الفقيه متطرفة للغاية.تلك كانت التجربة الشيعية، ننتقل الآن إلى التجربة السنية، حيث ظهرت بشكل مفاجئ خلال العام الجاري (داعش) كحركة سياسية تحت غطاء ديني واستطاعت التمدد سريعاً بين المدن العراقية والسورية، وأعلنت قيام الخلافة (الإسلامية). وهاجر إليها من هاجر من مختلف أنحاء العالم، ولكن الصدمة كانت كبيرة عندما ظهرت ممارساتها الإرهابية من قتل واغتصاب وتعذيب هي بعيدة عن أي دين ومذهب. لم تكتف داعش بتمددها ومواجهاتها وحراكها بين العراق وسوريا، بل سعت أيضاً إلى تصدير الأيديولوجيا الداعشية إلى البلدان المجاورة حتى صارت وسائل الإعلام ترصد خطابات الدواعش في العديد من الدول. السؤال هنا؛ ما علاقة كل من داعش وولاية الفقيه في انتخابات البحرين؟اعتادت البحرين أن تقوم الحركة السياسية التي تتبنى أيديولوجيا ولاية الفقيه بمقاطعة العملية السياسية، حدث ذلك ثلاث مرات (2002، 2011، والآن المرة الثالثة في الانتخابات المقبلة). وبالمقابل أعلنت داعش عبر خلاياها وخطابها الإعلامي أن المشاركة في الانتخابات (لا تجوز شرعاً)، ودعت إلى مقاطعتها. مقارنة غريبة ولكنها لافتة، فداعش وولاية الفقيه فكران متطرفان للغاية يجب محاربتهما، ولا يمكن تجاهلهما عندما يتم الحديث عن التطرف والإرهاب، فالتهديد الحقيقي للأمن الوطني البحريني من الجماعات المتطرفة سواءً كانت داعش أو ولاية الفقيه.