تجاوزنا مرحلة الصدمة.. استنفذ الجميع كل ما لديه من رعونة سياسية أو أوشك على ذلك.. وقد حان وقت النضج والاستقرار والتعقل؛ فالبحرين لا تحتمل المزيد ولا تستحق ما مرّت به وما صنعه بها كل المتطرفين. أزمة البحرين كانت مرحلة قاسية علينا جمعياً.. لا نختلف على ما سببته من إرباك على كافة المقاييس، كما لا نختلف أن استحضار خلافات الأمس وتوتراته جعلها حبلى ببذور الانفجار الداخلي، وقد دأبت شياطين الخارج أن تنفخ على حرائق الديار وتزيدها اشتعالاً، فكان الانشطار الشعبي ثم تشظيه نتيجة حتمية لذلك التركيب الطارئ من مفاعل الفوضى المضطرمة، الذي ترك بصمات جرمه الملتهبة في كافة أنحاء المملكة، وتجاوزها لامتداداتها الدبلوماسية لا سيما في الجوار.تشهد البحرين اليوم واحدة من مراحلها الديمقراطية الهامة، وهنا تأتي المواطنة في تجلياها الفعلية والعملية بمنأى عن الشعارات والتغني اللفظي بحب الوطن والتفاني من أجله، فميادين المهمات ونداء الوطن خير غربال لتوجهات المواطنين ومواقفهم. والمواطنون المخلصون فقط، هم أولئك الذين يسهمون في صنع مستقبل أفضل للبحرين، ويعملوا على إيصال الأكفأ لخدمة الوطن. بأصواتهم هم قادرون على صياغة واقع البحرين ونمائه.. بأصواتهم يسهمون في الارتقاء بالمملكة على كافة المقاييس والأصعدة.. بتكاتفهم الذي يشهد له تاريخ طويل، قادرون على إعادة ما تمزق ولمّ الشمل من جديد. إننا لسنا بحاجة لتقريب وجهات النظر؛ فلطالما كانت قريبة بعفوية الناس وبساطتهم قبل الدخول للمعترك السياسي وقبل الفتن. إننا بحاجة لإحياء الروح الإنسانية والأنفاس الودودة في داخلنا في نبذها للتمييز والطائفية والعرقية والخنوع تحت سطوة الفتن وسيوف الضغينة والتفكك. إننا بحاجة لإطلاق حمائم السلام من قلوبنا.. من أرواحنا لترفرف بالحب والسلام، وأن ننضوي تحت مظلة الوطنية -ديدن الشعب البحريني- طريقاً إلى الخلاص، كل ما نحتاج إليه القليل من تصفية النوايا ومصافحة قلوب ملؤها الرغبة في التطوير وتجاوز المحنة. إننا بحاجة لوعي سياسي وإنساني يكفل لنا ولبلادنا نماءً وازدهاراً سياسيين؛ فالدول العربية أريد لها أن تتفكك بخلافاتها الجديدة المصنوعة، لا باختلافاتها التي تمنح مجتمعاتها ثراءً أكبر. البحرين اليوم شاهد على ما أريد لها، ومتى ما أردنا لها غير ذلك والعودة لسابق عهدها فلزاماً علينا نبذ الفرقة والشقاق لنصل ومملكتنا إلى بر الأمان. فهذا الوطن كان ومازال وسيظل للجميع، وما يمنحه من حقوق هي لكافة المواطنين سواسية لا شأن لذلك بالمزاجية والأهواء، كما إن تعمير الوطن واجب الجميع أيضاً.إن «حوار الطرشان» الذي مورس خلال السنوات الأخيرة في مملكة البحرين معززاً بأدوات التخريب ومظاهر العنف، له أسباب دخيلة وتداعيات بالغة الخطورة والتأثير، ما أفسد الطبع البحريني المتعايش مع الثقافات والمتناغم معها، دمّر النسيج المتماسك للشعب البحريني الواحد والذي تجلت أروع صوره قبيل انطلاقة مشروع ميثاق العمل الوطني وبعده بعدة سنوات. من المؤسف أن يسهم «حوار الطرشان» ولغة التجريح المتطرفة باتساع الخلافات والانقسامات ما أحدث انشطاراً عنيفاً حد الجنون، بينما نحمل في جنبات أرواحنا حب الخير والتسامح وقبول الآخر منذ تاريخنا السحيق.انفجار النبض:س: هل يمكن للبحرين أن تستعيد طهارة الأرواح وتطلق من جديد قبلات المحبة والتعايش والنماء ترفرف محلّقة في السماء؟ وأن يستعيد نسيجها الوطني عافيته؟ هل يمكن أن نسهم في صياغة جديدة لمستقبل البحرين على نحو أفضل؟ج: نعم.. بصوتك تقدر.
Opinion
بعيداً عن «حوار الطرشان».. بصوتك تقدر
17 أكتوبر 2014