في خطوة أكدت من خلالها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أنها دون القدرة على استيعاب الآخرين وأنها بعيدة عن الديمقراطية ولا يمكن أن تمارسها، وإن ظلت تدعو إليها وترفع شعاراتها، تم أخيراً طرد الناشط الاجتماعي العضو ميرزا المحاري المعروف بـ «أبو نبيل» والذي يعتبر «الصوت المخالف والمشاغب دائماً في جمعية الوفاق، ويعرف بحضوره الواسع في مختلف الفعاليات والأنشطة السياسية» من الجمعية وحرمانه من عضويتها مباشرة بعد أن قرر ترشيح نفسه للانتخابات التي أصدرت الوفاق فرماناً بعدم المشاركة فيها وحرضت «جماهيرها» على مقاطعتها. أما المثير في الموضوع فهو أن رد أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان جاء سريعاً وحاسماً وملخصه أن «كل من يخالف قرارات المؤسسة يفصل وأنه لا تهاون ولا استثناء»، بينما أيد نائبه الشيخ حسين الديهي القرار فنشر على حسابه بالتويتر أيضا «أي عضو وفاقي يترشح في الانتخابات فسيكون مصيره الفصل من الوفاق رسمياً، والقرار في ذلك محسوم»!حسب ما نشرته المواقع الوفاقية سبق لـ «أبونبيل» أن ترشّح للانتخابات النيابية في العام 2006 منافساً لرجل الدين السيد مكي الوداعي في الدائرة الثانية بالمحافظة الشمالية، رغم أن الاثنين أعضاء في نفس الجمعية إلا أن «أبو نبيل» خسر الانتخابات لصالح الوداعي (بفارق كبير).ومع هذا تستمر الوفاق في انتقاد الحكومة التي تتسم بسعة الصدر والصبر على الجميع وتوجه لها الاتهامات بكرة وعشياً وتقود ضدها الحملات المسيئة في الخارج وتحرض عليها. الوفاق بهذا القرار المثير أعطت مثالاً على أنها تمارس الديكتاتورية؛ فترفض حتى الاختلاف في الرأي، فأبو نبيل الذي من الواضح أنه وصل إلى قناعة تختلف عن قناعة «أصحاب القرار» في الجمعية يكون الرد عليه بطرده من «جنة الوفاق»، ولن يكون مستبعداً فتح «فايلاته» في الأيام القليلة المقبلة ووصمه بالخيانة، وربما بالخيانة العظمى، وتوظيف الفضائيات السوسة لمهاجمته ومهاجمة كل «شيطان» أغواه بالتعبير عن رغبته في مخالفة قرارات الوفاق والترشح للانتخابات المقبلة.هذه هي الوفاق على حقيقتها، فكيف سيكون الحال لو أنها تسلمت ذات يوم -ندعو الله ألا يأتي- سلطة مهما كانت صغيرة ومحدودة؟ فإذا لم تستوعب إعلان عضو نشيط لديها عن رغبته ورأيه فكيف ستستوعب الآخرين من غير أعضائها أو المناوئين لها؟ هذه القصة ينبغي للحكومة أن تستغلها جيداً لأنها مثال واضح على أن الشعارات التي ترفعها هذه الجمعية لا تريد منها سوى أن تضحك على البسطاء، وإلا كيف لجمعية سياسية تنادي بالديمقراطية أن تمارس الديكتاتورية بهذا الشكل ولا تتردد عن طرد عضو نشيط من أعضائها؟ قرار الوفاق هذا يوفر للحكومة المبررات لكل القرارات التي اتخذتها في السنوات الثلاث ونيف الأخيرة بشكل خاص، فإذا كان يحق للوفاق أن تحمي قرارها وتصونه من «العبث» فكيف لا يحق للحكومة أن تحمي البلاد من عبث العابثين والمسيئين؟ليست الحكومة فقط من عليها أن تستغل هذه القصة، وإنما «جماهير» الوفاق أيضاً عليها أن تفعل هذا، لأنها الخاسر الأكبر، خصوصاً بعدما تبين لها الزيف والوهم الذي أجبرت على العيش فيه كل هذه السنين، فقرار طرد «أبو نبيل» يعني أن هذه الجمعية لن تتردد في طرد، وربما محاكمة، كل عضو أو مناصر أو مؤيد لها لو أن الشيطان ضحك عليه فسأل «ثلث الثلاثة كم؟»، وطالما أنه «لا استثناء في القرار» كما أكد الأمين العام ونائبه، فإن هذا يعني أن أعضاء آخرين معروف أنهم لا يقبلون بتصرفات الوفاق متوقع طردهم قريباً، فليس كل الوفاقيين يوافقون على تصرفات «حكامها»، وليس كل الوفاقيين يقبلون من الوفاق مثل هذه التصرفات التي أكدت بها أنها لا تختلف عن مسانديها وداعميها.. ومحرضيها على الوطن.