تعتبر المحافظة الشمالية أكبر المحافظات التي شهدت إقبالاً من المترشحين للانتخابات النيابية رغم دعوات عدم الترشح من بعض الجمعيات السياسية. لذلك كانت النتيجة صادمة، فرغم هذه الدعوات التي عادة ما تكون مؤثرة، وكذلك دعوات بعض شخصيات المؤسسة الدينية التي تسير في نفس الخط، إلا أن نحو 30% من مترشحي الانتخابات النيابية خالفوا تلك الدعوات وقرروا المشاركة بفاعلية في الانتخابات باعتباره حقاً دستورياً لهم.ومادامت المحافظة الشمالية هي أكثر المحافظات ترشحاً؛ فإن المحافظة نفسها شهدت أعلى نسبة ترشح على الإطلاق من فئة الشباب، حيث تبلغ نسبة المترشحين الشباب في المحافظة نحو 34% من إجمالي المترشحين الشباب على مستوى المملكة. قد يعتقد البعض أن هناك صحوة شبابية في المحافظة الشمالية نتيجة للظروف التي مرت بها المنطقة وسكانها على مدى السنوات الثلاث الماضية. ولكن هناك من يعتقد بأن هذه الصحوة مفتعلة بعوامل عديدة أبرزها السعي وراء الامتيازات المادية. بعيداً عن جدل هذه الصحوة ومدى طبيعيتها أو افتعالها، فإن ما يهمنا هو كسر التابو الذي أقدم عليه أهالي الشمالية أمام مجموعة من الجمعيات السياسية وأبرز شخصيات المؤسسة الدينية وموقفها السياسي الأخير الداعي لعدم المشاركة في الانتخابات. كسر التابو خطوة أقدم عليها أكثر من 100 شخص في المحافظة الشمالية، وهم بذلك يعلنون رفضهم احتكار القرار والموقف السياسي لجمعية سياسية واحدة تتحكم في مصير حياتهم ومستقبلهم، وكذلك عدد من رجال الدين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة. كسر التابو لن يكون بدون تكلفة، والتكلفة الأكبر سيدفعها من قرر كسر هذا التابو المسكوت عنه لعقود مضت، ومن الواضح أن حساب هذه الخطوة بدأ عندما ظهرت الأعمال الإرهابية التي تستهدف المترشحين الذي اتخذوا قرارهم الشجاع. كسر التابو ما هي إلا بداية حقيقية تعكس حقيقة الوضع الذي يريده الآلاف من المواطنين في الشمالية بعدما تم التحكم والسيطرة عليهم من قبل جمعية سياسية ومجموعة من رجال الدين من دون جدوى وبخسائر ضخمة فاقت التوقعات، وبمشاريع وهمية فاشلة لم ولن ترى النور. نحن الآن في بداية صراع، صراع ليس بين السلطة والجمهور كما يشاع، بل صراع بين نخب جديدة تتطلع لدور فاعل ومستقبل في النظام السياسي البحريني، وبين نخبة تقليدية قديمة غير قادرة على التأثير لأنها لا تجيد إلا خداع ومشاغبة الجمهور فقط لا أكثر من دون إنجازات حقيقية حتى اقتنع الجمهور نفسه بأنها تبيعه الوهم.