ما هي قصة قلق أمريكا الدائم والمستمر والمتدفق على الوفاق؟ وما هي سر العلاقة العميقة التي تجعل أمريكا تترك كل الكوارث والمآسي في العالم وتخص الوفاق بالاهتمام الذي فاق التصورات وتجاوز الخيال؟ وكأن من يرى اهتمامها بالوفاق يعتقد أنها ذراع من أذرعة أمريكا؛ بل أصبحت أهميتها ومكانتها بالنسبة لها أكبر من مكانة إسرائيل لديها.نأتي هنا إلى التعليق على تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي بقولها: «نحن قلقون.. وأن مثل هذا القرار (تعليق نشاط جمعية الوفاق) يتعارض مع إرساء مناخ ملائم لعمل سياسي شامل». ونرد على هذا التعليق بالقول؛ ما هو مفهوم إرساء مناخ ملائم لعمل سياسي شامل يتعارض مع تعليق نشاط جمعية الوفاق؟ هل تقصد بهذا المناخ الملائم لعمل سياسي كالمناخ السياسي السائد في العراق أو أفغانستان الذي أطلق يد الإرهاب للأحزاب التابعة لإيران لتبطش وتقتل وتنهب دون أن يكون عليها حسيب داخلي أو رقيب دولي حتى تفتت دولتيهما وأصبحت أرض فلاء يحكمها قانون البقاء للظالم؟ هل هي قلقة لأن النظام في البحرين حال دون أن يحقق المناخ السياسي الملائم لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد الذي يعتمد على الأحزاب التابعة لإيران في دول الخليج وإثارة الفوضى في دولها؟ وذلك كما يحدث اليوم في البحرين والسعودية وفي الكويت، وكما حدث في اليمن عندما اعتمدت أمريكا على الذراع الإيراني المتمثل في «الحوثيون» التي تدافع عنهم أمريكا اليوم، وتقتل بطائراتها أهل السنة بذريعة انتمائهم إلى القاعدة؛ كما فعلت في أفغانستان حين قيضت التواجد السني وأطلقت يد الشيعة في إبادتهم وهي تدك معهم بطائراتها بنفس ذريعة محاربة تنظيم القاعدة، ولذلك اليوم أبدت أمريكا قلقها وتوترها حين أصاب ذراعها في البحرين ارتخاء والتواء.إن الدعم الأمريكي للوفاق وصل إلى حد أنها اعترفت بوجودها كثر مما تعترف بوجود أي دولة في العالم، وذلك حين بعثت المبعوث الرئاسي الأمريكي ليطمئن على عيسى قاسم حين مس جدار بيته أصبع من رجال الداخلية، وهذا الشيء لم تفعله مع أي رئيس دولة حتى لو تعرض موكبه لإطلاق نار أو تفجير إرهابي، فأي دعم أكبر من هذا؟ وهذا هو استنكار في الحال لمجرد تعليق نشاط جمعية الوفاق لمدة 3 أشهر ولم ينفذ بعد، فإذا بها تخرج متحدثتها -رغم انشغال أمريكا بالحرب العالمية التي يشنها على «داعش»- حيث لم تشغلها هذه العملية الحربية الكبرى عن رعاية «الوفاق»، أليس هذا دليل على سر خفي وعلاقة عميقة تربط الوفاق بأمريكا؟ أليس هذا مخالفة للمواثيق الدولية والمعاهدات الثنائية بين البحرين وأمريكا وذلك حين توفر أمريكا دعم حزب معارض لنظام الدولة؟ إذاً أمريكا تخترق المواثيق الدولية وتغدر بالعهد وتنكث بالوعد وتنحي الأنظمة وتتعاون مع معارضيها للإطاحة بها، والإرهاب الذي تقوده الأحزاب التابعة لإيران اليوم في العراق وسوريا واليمن والبحرين والسعودية ولبنان برعاية أمريكية صريحة، لم تخفيها أمريكا بل أعلنتها إعلاناً وجعلتها أخباراً وصرحت بها تصريحاً وبياناً على لسان كبار مسؤوليها ولسان رئيسها.وعندما نقارن تصريح جنيفر بساكي بشأن تعليق نشاط جمعية الوفاق لفترة 3 شهور، وإدانتها لإعدام الشابة الإيرانية ريحانه جباري، نرى هنا فرقاً في اللهجة التي لم تتعد عن شكوك بقولها «هناك شكوك جدية حول عدالة المحاكمة والظروف التي تحيط بهذا الملف وضمنتها تقرير تشير إلى الحصول على الاعترافات بموجب ضغوط شديدة»، أي لم تشر إلى قلق ولا إلى مناخ سياسي، ولا أن اعترافات ريحانة انتزعت منها تحت التعذيب، هذه المقارنة بين إدانة لروح شابة انتزعت بظلم وبيان عن وقف جمعية سياسية مارست صنوف الإرهاب، إذ لو أن هناك جمعية أو مؤسسة في أمريكا قامت بنصف عملية إرهابية مما تقوم به الوفاق لما اكتفت أمريكا بوقف نشاطها لمدة شهر ولا حتى سنة؛ بل لاقتلعت جذورها وجذور أسلافها وقطعت أغصان أجيالها لألف سنة قادمة، بالضبط كما فعلت في أفغانستان عندما فجرت كهوفها وقصفت مواكب أفراحها ومدارس أطفالها، وكما فعلت في العراق عندما شاركت إيران في إبادتها لأكثر من 5 ملايين من شعب العراق بدعوى محاربة الإرهاب.هذه خلاصة، وشيء من القصاصة عن التدخل الأمريكي في الشأن السياسي البحريني لصالح جمعية الوفاق، والتي تستخدمها اليوم لفتح البوابة على المملكة العربية السعودية، إذ ليس لها حيلة ولا تيلة أن تقتحم بلد الحرمين إلا عن طريق الذراع الإيراني في البحرين، إنها أمريكا التي لا تقل عندها أهمية القضاء على داعش عن أهمية رعاية «الوفاق».