من أحد مراكز الاقتراع العامة الأكثر أهمية بجامعة البحرين أعلن جلالة الملك القائد -حفظه الله- انتهاء أزمة فبراير رسمياً، وطوى صفحة هامة من تاريخ البحرين الحديث بكل ما فيها من أحداث، حيث دشن وهو محاط بأبناء شعبه من الشباب مرحلة جديدة لا صوت فيها يعلو على صوت سيادة القانون والكلمة الفصل فيها للمؤسسات الدستورية التي تعد الضامن الأوحد للاستقرار والتقدم والازدهار.لم يكن ما شهدته البحرين يوم السبت الماضي مجرد انتخابات كالتي تشهد مثيلاتها دول العالم؛ بل نموذجاً حضارياً يعكس التناغم واللغة المشتركة بين القائد وشعبه، والذي ضجت به مراكز الاقتراع ليسطر ملحمة وطنية أخرى ويطلق رصاصة الرحمة الثانية بعد وقفة الفاتح العظيمة على مشاريع الفوضى والتشطير الطائفي.شعب البحرين اصطف كما كان دوماً خلف قيادته؛ فخرج ملبياً من كل شبر، ووقع شهادة وفاة المؤامرة الخارجية التي أرادت النيل من البحرين.عشرات الآلاف من البحرينيين أعلنوها عالية وبصوت عانق عنان السماء؛ أن هذا الوطن تجاوز محنته التي فجرتها ثلة من الخارجين عن القانون، والذين خسروا كل رهاناتهم على هذا الشعب الذي أبى إلا أن يسطر ملحمة الوفاء والمحبة والإخلاص لهذه الأرض ولقيادته التاريخية، بعيداً عن المزايدات والمناكفات.عشرات الآلاف أعلنوا في الثاني والعشرين من نوفمبر رفضهم لكل أشكال الإرهاب والترهيب والحجر على الرأي التي مارستها الجماعات الإرهابية لثلاث سنوات، بمساندة رجال دين وإعلاميين وسياسيين، وأرسلوا رسالة للعالم مفادها أن هذا الوطن أصغر من أن يقسم وأكبر من أن يُبتلع وأغلى من كل الشعارات الخاوية.عشرات الآلاف من المواطنين، سنة وشيعة، رسموا لوحة البحرين الحقيقية، وأكدوا أن الدم البحريني واحد، والفرح البحريني واحد، والوجع البحريني واحد؛ فعقدوا العزم أن يستمر شريان الدم الواحد من الزلاق جنوباً إلى الدراز وبني جمرة شمالاً، مروراً بالرفاع وسترة والمنامة والمحرق..عشرات الآلاف من البحرينيين، من مختلف أصولهم ومنابتهم وطوائفهم ودياناتهم، أعلنوها يوم الثاني والعشرين من نوفمبر رسالة ولاء ووثيقة محبة إلى القائد، فالتفوا حوله مجددين العهود والوعود، ومؤكدين بيعتهم لقائد المسيرة وباني البحرين وربان سفينتها، فكان اللقاء الأجمل في ذات اليوم في الصرح الوطني العلمي الكبير، جامعة البحرين، فالتف حوله أبناؤه الشباب حاملين أفراحهم وآمالهم وطموحاتهم حول قائدهم.عشرات الآلاف.. تزينوا بأعلام البحرين وصور القادة وخرجوا في المدن والقرى ليغنوا للوطن الأجمل، إعلاناً عن ميلاد فجر جديد لا مكان فيه للمتخاذلين والمرجفين والإرهابيين، ولكل الساعين إلى إعادة العجلة إلى الوراء، فكان الثاني والعشرين من نوفمبر ميثاقاً جديداً بين الشعب والقيادة، وعهداً سطروه بمداد القلب وكتبوه بحبات العيون..فهنيئاً للبحرين بهذا الشعب العظيم، الذي صمم على كسر إرادة الساعين إلى تدمير إنجازاته وجره إلى مشاحنات ومطاحنات هدفها إعادة الساعة إلى نقطة الصفر، فأسقطوا بإرادتهم الوطنية كل الرهانات الفاشلة، ورسموا خارطة طريق للبحرين وأجيالها، وأعلنوها أننا هنا؛ شعب لا تلين إرادته ولا تكسر عزيمته، فالبحرين أغلى من الجميع ومسيرتها مستمرة بسواعد أبنائها البررة..- ورق أبيض..كل من شارك في الانتخابات، مرشحاً أو ناخباً، حق له أن يفخر، لأن الجميع قد ربح الرهان، سواء من وصل إلى المجلس أم من لم يصل، فالفائز الحقيقي هي البحرين، أم الجميع ووطن الجميع.