أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك المشكلة، وقد درج أنصار المرأة على الاحتفال بيوم 25 نوفمبر بوصفه يوماً ضد العنف منذ عام 1981. وقد استمد ذلك التاريخ من الاغتيال الوحشي في سنة 1960 للأخوات الثلاثة ميرابال اللواتي كن من السياسيات النشيطات في الجمهورية الدومينيكية، وذلك بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي روفاييل تروخيليو، كما سجل ذلك التاريخ. بعد مرور نحو 33 عاماً على إعلان الـ 25 من نوفمبر كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، مازالت المرأة تتعرض لأبشع أنواع الانتهاكات وعلى كل الصعد، فسجل المرأة حافل بالكثير من تلك الخروقات البشعة، ومازالت المرأة تفتش عن حقوقها في غالبية دول العالم، ناهيك عن كرامتها، لكن دون جدوى!المرأة وباعتبارها الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا البشرية كما أراد له ذلك الرجل، نجدها هي الضحية «رقم واحد» لكل الصراعات والنزاعات السياسية العنيفة، وهي الضحية في غالبية الاعتداءات الوحشية التي نالت الكثير من كرامتها وجسدها عبر العالم، كما إنها الضحية الأولى لمشاكل الفقر والأمية والتهميش والإقصاء، ومن هنا جاء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة من باب إرجاعها إلى وضعها الطبيعي، ولأجل حصولها على مكتسباتها دون منة من أحد، وذلك حسب المواثيق الدولية التي تحمي حقوق المرأة وتصون وجودها من كل تحركات عبثية ومشبوهة ضدها، ووقف كل أنواع المتاجرة بجسدها في تجارة تعتبر من أرذل أنواع التكسب غير المشروع عبر شبكات عالمية قذرة.لا شيء يوضح حقيقة هذا الأمر المزري كالأرقام الصادمة؛ فالإحصائيات المخيفة تعطينا طبيعة وضع المرأة في العالم، وفي جولة خاطفة بين تلك الأرقام المرعبة نستطيع قياس مستوى العنف الذي تتعرض له المرأة عبر القارات.دعونا نستمع للغة الأرقام قليلاً للوقوف على طبيعة هذا الأمر؛ تتعرض 35% من النساء والفتيات على مستوى العالم لنوع من أنواع العنف الجنسي، وفي بعض البلدان تتعرض سبع من كل عشر نساء إلى هذا النوع من سوء المعاملة، يقدر بقاء ما يقرب من 30 مليون فتاة تحت سن الخامسة عشر تحت تهديد خطر تشويه الأعضاء الجنسية للإناث، في حين تعرضت أكثر من 130 مليون امرأة وفتاة إلى تلك الممارسة على مستوى العالم. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 130 مليون فتاة وامرأة -على القيد الحياة اليوم- قد تعرضت لتشويه أعضائها التناسلية (فيما يعرف بالختان)، ولا سيما في أفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط. أما على الصعيد العالمي؛ فيقدر عدد الأحياء من النساء اللواتي تزوجن ولم يزلن صغيرات بـ 700 مليون امرأة، منهن 250 مليون تزوجن دون سن الخامسة عشر، ومن المرجح ألا تكمل الفتيات اللواتي يتزوجن تحت سن الثامنة عشر تعليمهن، كما إنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضاعفات الولادة.في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لم نسمع في ظل الصخب الذكوري وبين أزيز أصوات الرصاص والدبابات والهرولة نحو الغنائم الرجولية، من احتفل بهذا اليوم الذي يعتبر الأكثر أهمية وعالمية من كل الأيام العالمية الأخرى، لأن قدر المرأة في عالمنا المتوحش هو أن تظل حبيسة المطبخ وبين أدوات التعذيب في غرف النوم، أو أن تتعرض للابتزاز الجسدي أو حتى انتهاك حقوقها في العمل والمدرسة والمنزل وحتى في الشارع من قبل الرجل.إن إهانة المرأة إهانة لكل المجتمعات الإنسانية، ولا يمكن أن ينهض مجتمع من المجتمعات الناجزة دون أن يعطي لهذا المخلوق العظيم مكانته الحقيقية التي بها ترتقي الشعوب والأمم، فهي الأم والزوجة والبنت والأخت، هي صانعة الحياة؛ فأعطوا لها كل الحياة.
Opinion
المرأة بين المأساة والملهاة
28 نوفمبر 2014