لم يكن لأمريكا خيار إلا أن تقدم التهنئة للبحرين بعد أن رأت التهاني تنهال عليها من كل بلد قاص ودان، كذلك رأى سعادة السفير الأمريكي بعينه الزحف الشعبي الهائل لصناديق الانتخابات، زحف لم ير له مثيلاً لا في طهران ولا في واشنطن ولا في أي مكان، ولا بد منا أن نرد على تحيتهم بأطيب الكلام، فنحن بالطبع شيام ومن صفاتنا الرد بالنفس أو بالأحسن، وهذا ما جاء به كتاب الله، وهذا أصل من أصول الإسلام، ونقول لها مشكورة على التهنئة ومشكورة على هذا الاعتراف المشهود، فالتهنئة لا تأتي إلا على الأمر المحمود، كما لا يجوز أن نغفل عما جاء بعد التهنئة من كلام في قولها «على الرغم من أن الانتخابات لم تتمتع بمشاركة الطيف الكامل من الجمعيات السياسية السائدة في البحرين»، ونقول لها بأن هذا الإقرار أيضاً طيب ومقبول بأن من امتنع عن المشاركة جمعيات سياسية، أما قولها «الجمعيات السائدة في البحرين»، فإنها معذورة فهي لا تعرف في البحرين غير زبائنها، وعدم إشارتها لشعب البحرين فهذا يؤكد أنها لا تأبه برأيه أبداً، فكيف بشعب البحرين الذي لا يعرف طريق الكونجرس الأمريكي، ولا يعرف رقم الدبلوماسي الأمريكي ولا السفير، لأنه شعب لم يعرض وطنه للبيع ولم يكن قط لعدو بلاده ظهيراً.وبالطبع كيف تعرف أمريكا شعب البحرين، وهي التي لم تجعل حساباً لشعبها قط، وها هو اليوم مقتل الطفل الأمريكي «تامير» من أصول أفريقية على يد شرطي أبيض سببه أنه كان يلهو ويلعب في المنتزه بمسدس ألعاب، إنها جريمة بشعة أدمت قلوبنا وقطعت مهجتنا، وإننا هنا لننتهز الفرصة ونقدم التعازي إلى ذويه، ونقول لهم لو كانوا أطفالكم في البحرين لما مسهم شر ولا ذرة غبار، فالأطفال في البحرين يحاطون بكل رعاية واهتمام من الدولة، وها هم الأطفال يلهون في الشوارع وتلعبون في المنزهات في أي وقت وبالطريقة التي يشاؤونها.لم يكن «تامير» الضحية الأولى، بل سبقه الكثير ومنه مقتل شاب أسود آخر اسمه «مايكل براون» برصاص شرطي أبيض في 9 أغسطس 2014، فالعنصرية والتمييز في أمريكا تبدو واضحة في شتى المجالات ضد السود، ومنها على سبيل المثال ضاحية سانت لويس الأمريكية التي يبلغ عدد سكانها 21 ألف نسمة، ثلتهم من ذوي الأصول الأفريقية، لكن رئيس بلدية هذه المنطقة أبيض، وكذلك خمسة أعضاء من مجلس مستشاريه هم بيض من أصل ستة مستشارين، ويوجد في المنطقة 50 شرطياً أبيض من أصل 53، كما يرى المتخصص الاجتماعي الأمريكي «هانت» أن ظاهرة عنف الشرطة الممارس على السود لها جذورها وخلفياتها قائلاً: «لدينا رئيس أسود لكن معظم الأمريكيين السود يعانون حالياً من سوء الأحوال الاقتصادية أكثر مما كانوا عليه قبل 20 عاماً، إنهم مهمشون في جميع مجالات الحياة، كما أن نسبة الاعتقالات والعقوبات في أوساطهم أكثر منها لدى البيض». أما توجيه أمريكا للبحرين بقولها «على الدوائر الانتخابية في البحرين العمل بحسن نية لحل التوترات الحالية، من أجل السعي لإيجاد توافق في الآراء بشأن كيفية معالجة الأولويات السياسية والاقتصادية في البحرين»، فإننا أيضاً لا بد أن نسدي إليها النصح ونقول لها أن تنظر في مشكلة الفقر المتفاقم بين الشعب الأمريكي، وذلك حسب ما أكدت صحيفة نيويورك تايمز بأن نسبة الأمريكيين الذين يعانون الفقر 40% من السكان أعمارهم بين 25 إلى 60 عاماً يعيشون سنة على الأقل تحت مستوى النسبة الرسمية للفقر، وأن 54 من السكان يعيشون بشكل دائم تحت خط الفقر أو قريباً منه.ومجمل الرد على التهنئة الأمريكية بمناسبة نجاح الانتخابات في البحرين نقول لها؛ نتمنى من الحكومة الأمريكية أن تهتم بالشعب الأمريكي بيضاً وسوداً، كما تفعل حكومة البحرين عندما تقدم خدماتها إلى شعبها بالتساوي، كما عليها أن تعالج مشكلة التمييز والعنصرية التي لم نر تقدماً فيها منذ أيام «كونتا كنتي» في مسلسل «الجذور»، كما نتمنى من الحكومة الأمريكية أيضاً أن تولي اهتماماً ولو بنسبة 1% من اهتمامها بالجمعيات السياسية للبحرين، التي تتابع أخبارهم وترسل إليهم كل يوم بمرسال وتبعث إليهم بمعبوث ليطمئن على صحة مرجعيتهم، هذا بالنسبة للدعم المعنوي، أما الدعم المادي فلا ندري كم هو المدفوع. نكرر الشكر الجزيل للحكومة الأمريكية على تهنئتها، ونقول لها مرة أخرى بالطبع إنها تهنئة لها مكانة وتقدير وإن جاءت متأخرة، ولكن نجد لها العذر والتبرير حين يحتاج إعداد بيان التهنئة إلى إجراءات طويلة حتى تمهر بختم خامنئي.