لو تركنا السوق الشعبي «الأجنبي» بمدينة عيسى واتجهنا غرباً إلى الشارع الخارجي فسنرى عدداً كبيراً من الباعة يفترشون الأرض على جانبي الطريق يبيعون الخضروات والفواكه والأسماك والتحف ومؤخراً أقام بعضهم مشتلاً، ولأنهم يقيمون في الشارع ويعرضون بضاعتهم على جانبيه فيسميهم القانون باعة جائلين مع أنهم قابعون في أماكنهم من الصباح حتى المساء وعلى مدى الأيام والشهور لا ينتقلون من أماكنهم ولا يتجولون في الشوارع.القانون يقول إن البائع الجوال ليس بائعاً بالمفهوم التجاري أو الصناعي، ولا يخضع لقانون التجارة وليس لوزارة التجارة علاقة به، ولا يخضع لإشراف وزارة الصحة، إنما هو يتبع وزارة شؤون البلديات ويحصل على ترخيص مزاولة عمله «الجائل» تجاوزاً من الإدارة التنفيذية في كل بلدية، التي لا تمنح الترخيص إلا للباعة البحرينيين فقط وتلاحق - بحكم القانون - الباعة المتجولين الأجانب إذا ما شاهدهم مفتشو البلدية وهم يتجولون ببضائعهم في الشوارع وتأكدوا أنهم غير بحرينيين وبالتالي لا يحملون ترخيصاً من البلدية بالبيع.لكن الذي وضع هذا القانون أيام الهيئة البلدية المركزية في الثمانينات لم يعد موجوداً اليوم، والمسؤولون في وزارة شؤون البلديات مشغولون ببضائع أكبر حجماً وأثقل وزناً وأغلى ثمناً جرى ذكرها في تقارير ديوان الرقابة المالية، وليس عندهم وقت للتفتيش على باعة جائلين مهما كبرت فرشاتهم وزادت مخالفاتهم الصحية والبيئية وأصبح جميع الباعة تقريباً من الأجانب.ثم أي قانون هذا الذي يفرق بين بائع وآخر، وتاجر وآخر، هذا يجب أن يحصل على سجل تجاري وشهادة صحية، وآخر مثل الذين يمارسون تجارتهم في الأسواق الشعبية والمركزية وفي الشوارع ويبيعون على الناس الأغذية بأنواعها وفي ظروف غير صحية، هؤلاء لا يخضعون لإشراف وزارة التجارة ولا وزارة الصحة، بل إن وزارة الصحة نصحت الجمهور أكثر من مرة بعدم الشراء من الباعة الجائلين وهي غير مسؤولة عن ما يبيعون من سلع وبضائع.ما الذي ننتظر إذن كي نتحرك من أجل توحيد القانون وتحقيق الإشراف والتفتيش وفرض البحرنة وإنهاء ظاهرة الباعة الجائلين الذين لم يعودوا جائلين كما كان يظن؟!