إيران التي سعت منذ بداية تشكيل التحالف الدولي أن تكون جزءاً منه، يبدو أنها حققت ذلك مؤخراً، لكن بالسر، فمن استهدفت إيران؟منذ أن تسربت الأخبار عن قصف طائرات مقاتلة إيرانية نوع فانتوم F4 لمواقع قيل إنها تجمعات لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في محافظة ديالى شرق العراق، والتصريحات الرسمية الأمريكية والإيرانية والعراقية متناقضة ومتضاربة، فإيران تصرح على لسان الناطق باسم خارجيتها أنها لم تشن غارات في الأراضي العراقية، بينما يصرح أكثر من مسؤول فيها ومن بينهم مساعد وزير خارجيتها لصحف أن بلاده شنت غارات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» من دون التنسيق مع واشنطن، أما الجانب العراقي فقد أعلن رئيس الوزراء العبادي أنه لم يعط أي أوامر أو إذن لطائرات إيرانية أو تركية لقصف «داعش» بالعراق، ومن يستمع لتصريحه يحسبه رومل أو مونتغمري يخطط للحرب ويعطي الأوامر مع أن العالم كله يعرف أن إيران لا ترجع إلى العبادي ولا إلى غيره من العراقيين في مثل هكذا قضايا.أمريكا أيضاً تصريحاتها متناقضة؛ فالمتحدثون باسم البنتاغون صرحوا أكثر من مرة أن إيران قصفت مواقع وحددوا نوع الطائرات، لكن تصريحات رأس الدبلوماسية الأمريكية جون كيري حملت الإثبات والنفي معاً، وفي النهاية وصف الضربات بالإيجابية، ومن يتابع مجمل التصريحات منذ البداية تستحضر ذاكرته مباشرة ذلك المشهد التمثيلي لعادل إمام من مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» عندما تجلس زميلته بجانبه بوضع غير لائق وهو يحدثها عن أيامه في المدرسة غير منتبه لها، ويشرح لها كيف «شخط فيهم» الأستاذ عبدالسميع، وعندما تنبه لوضعها قال «شخط فينا أوي الأستاذ عبد السميع» وعاد ليقول «هو ما شخطش أوي أوي يعني»، كذلك فعلت أمريكا التي تقود المشهد فلم نخرج بنتيجة من تصريحاتها، وسبب كل ذلك التناقض هو رغبة أمريكا أن يكون لإيران دور محدود وغير معلن وكذلك رغبة إيران أن تتدخل للحفاظ على مصالحها، أما العراق فنفيه أو تأكيده ليس مهماً لأن لا أحد يأبه لرأي حكومته.إلا أنه من المهم أن يعرف العالم في خضم هذه التناقضات أن محافظة ديالى العراقية تعرضت بالفعل لقصف بالطائرات مؤخراً وكان ذلك على ثلاث مناطق فيها، المنطقة الأولى كانت جبال حمرين واستهدفت الغارات تنظيم «داعش» أما المنطقتان الثانية والثالثة فكانت المنصورية والسعدية لكن الهدف في هاتين المنطقتين لم يكن «داعش» وإنما المناطق السكنية والأهالي، وهذا ما تريده إيران بالفعل، فهي تبحث عن مصالحها في العراق وهذه المحافظة حدودية معها ومنذ بداية الحرب على «داعش» وميليشيات إيران على الأرض ترتكب أشنع الجرائم في محاولة لإبادة وتهجير العرب السنة منها، وضربات إيران الجوية تأتي في هذا السياق وتحقق أهداف إيران الخاصة، وعملية ضرب «داعش» في حمرين ليست أكثر من تغطية على أهدافها الرئيسة.إيران غير مرحب بها عند أهم حلفاء أمريكا في هذه الحرب، وأمريكا لا تريد خسارة أحد منهم لذلك جاءت تصريحاتها متضاربة، ولا يهمها إذا ضربت إيران على الأرض بعض الأهداف الخاصة ولهذا وصفت فعلها بالإيجابي.
Opinion
غارات إيران بين التأكيد والنفي
10 ديسمبر 2014