لا أحب أن أسرف في التفاؤل من مجلس النواب الجديد الذي يعقد أول جلساته اليوم، فقد كانت معاناة أهل البحرين كبيرة خلال مجالس سابقة، إما بسبب الطائفية التي تخرج بها كتلة بعينها وتوتر المجلس والشارع، وتريد أن تجير كل القرارات إلى أهدافها الفئوية، وإما لأن بقية المجالس كان أغلبها يعاني من ضعف الأداء. أما آخر مجلس فقد كان مجلساً ورقياً هشاً، ووصل إليه من لا يحلم يوماً أن يصل إليه من قبيل الصدفة.غير أن السؤال اليوم لجميع الأعضاء بالمجلس النيابي الجديد؛ هل لديكم خارطة طريق لما ستقومون به خلال أربعة أعوام قادمة؟هل ستغلبون من لعبة الوقت التي غلبت من قبلكم؟هل تعرفون ماذا يريد الناس؟هل تتذكرون برامجكم الانتخابية؟هل تستطيعون الوفاء بها أم أنها حبر على ورق؟أعتقد أنه كلما ابتعد المجلس عن قضايا الناس وهمومهم ومعيشتهم، فإن هذا سيشكل أكبر فشل للمجلس، أن يلتصق النواب بهموم الشارع، وأن ينظروا نظرة شاملة للبحرين بأسرها بعيداً عن نظرة النائب الضيقة لدائرته الانتخابية، كل ذلك يجب أن نراه ونلمسه ونشعر به، وإلا فإن النائب سيعيش في نطاق ضيق، إذا ما فكر في دائرته الانتخابية فحسب،إذا كان مجلس النواب قوياً ويحقق تطلعات الناس فلن نحتاج إلى حملات لحض الناس على التصويت، المجلس الذي يحقق إنجازات وتطلعات الناس سيجعل لدى الناخب إيماناً بأن التصويت وصناديق الاقتراع هي التي قد ترسم ملامح المستقبل.الظلاميون والانقلابيون الذين اتخذوا شعار الإرهاب لمدة أربعة أعوام لأنهم امتنعوا عن دخول العملية السياسية ويريدون إحراق الوطن لأجبار أهل البحرين على الخضوع إليهم، هؤلاء سيفرحون كثيراً إن كان المجلس ضعيفاً، وإن كان من غير إنجازات. لذلك من المهم للغاية أن يكون هذا المجلس معبّراً حقيقية عن إرادة الناس ومعيشتهم وهمومهم.وجود حالة من الخلافات حول رئاسة المجلس لا أعلم هل هي أمر مقبول في الديمقراطية وهو طبيعي جداً، أو أن ذلك ينبئ بأن هناك اختلافات بين الأعضاء وقد يؤثر ذلك بشكل أو بآخر على أداء المجلس.هناك تحدي هبوط أسعار النفط بشكل قياسي، ولا أعرف كيف سيتعامل النواب مع هذا الملف الذي له علاقة كبيرة بالميزانية العامة، وبالمشاريع وبمعيشة الناس، كوننا بلداً لم ينوع مصادر الدخل، وكيف سيواجه النواب أرقام وزارة المالية؟ كلها أسئلة لا نعرف إجاباتها حتى الساعة.هناك إجراء جديد على مجلس النواب الحالي وهو المصادقة على برنامج الحكومة والوزراء، ولا أعلم أيضاً كيف سيتعامل المجلس مع التعديلات الدستورية الجديدة التي تمنحهم صلاحيات غير مسبوقة، ولم تكن متاحة للمجالس السابقة؟.من هنا، فإننا كمواطنين في حالة ترقب لما سيقدمه به أعضاء مجلس النواب الذين غالبيتهم من الأسماء الجديدة من أداء ورقابة وتشريع، وهذا يتطلب وقتاً من بعد بداية المجلس، لكن نتمنى ألا تطول فترة اكتشاف الأعضاء لأدوارهم.نتمنى أن يكون هذا المجلس عوناً للمواطن، وليس عبئاً عليه، بينما دروس المجالس السابقة يجب أن تحضر، لكني برأي شخصي لا أتوقع الكثير من هذا المجلس، هكذا تبدو الأمور، وأتمنى أن يخالف رأينا الواقع.