عندما يحدث التغيير الوزاري فإنه يعني أن التغيير يبدأ من الوزير ويمتد إلى كبار الموظفين في الوزارة والذين يمثلون المراكز الأربعة التالية للوزير، وهذا ما يفترض أن التغيير الوزاري الذي حدث مؤخراً قد هدف إليه..فالوزير لا يستبدل أو يتم الإبقاء عليه أكثر من أربع سنوات طبقاً لمعايير الرضا والمحسوبية، أو أنه وزير عرف أو لم يعرف «من أين تؤكل الكتف» ، وإنما هو يستبدل لأنه أمضى في الوزارة سنوات طويلة تزيد عن الأربع سنوات أو الثماني سنوات على أكثر تقدير، وبالتالي فإن استمراره على رأس الوزارة يمكن أن يكون مدعاة لتبديد المال العام وللفساد، وإنه يكون قد أعطى ما لديه من أفكار وإبداع وعمل وبقاؤه بعد ذلك هو بمثابة إبقاء الوزارة في موضع المراوحة في المكان وبالتالي الجمود.والوزير الذي يصل إلى هذه المرحلة يتمنى من كل قلبه أن يستمر في منصبه بلا نهاية على الرغم من أنه ليس لديه من جديد يقدمه لتبرير بقائه هذا، وبالتالي يلجأ إلى النفاق والبهرجة والإيهام بإقامة مشروعات كثيرة والصرف عليها - ولو إعلامياً - بلا حدود، بل والتعدي على مشروعات غيره ونسبها لنفسه، بل إن أحد الوزراء الذين استبعدوا من التشكيلة الجديدة افتتح مشروعات لم تكتمل آملاً أن يدفع بها عن نفسه التغيير الذي حدث..ولأن الوزير لا يعمل وحده وإنما مع فريق يضم الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء والمستشارين فإن إخفاق الوزير أو جموده أو ضعف إنجازاته يتحمل مسؤوليته إلى جانب الوزير الفريق المساعد له، وبالتالي أي اتهامات تقدم للوزير وتؤدي إلى إعفائه من منصبه يجب أن توجه إلى جميع أو بعض أعضاء ذلك الفريق، فهم الذين يقدمون للوزير الاستشارة وهم المسؤولون عن تنفيذ السياسات والبرامج التي يشرف ويوافق عليها الوزير.ومن هنا فإن أي تغيير للوزراء لا جدوى منه إلا إذا أعقبه تقييم جدي لكفاءة وأداء ونزاهة الوكلاء والوكلاء المساعدين بالوزارة ذاتها، وأن يتم استبدالهم أو تدوير مراكزهم لكي يبقوا بعيداً عن الوزير الجديد الراغب في انتهاج سياسات جديدة، وتنفيذ برامج مختلفة، وإقامة علاقات مغايرة مع الموظفين والمتعاملين مع الوزارة.وبدون شمول التغيير هذا الفريق يصبح تغيير الوزير شكلياً وغير قادر على أداء مهامه.
Opinion
وزارات التغيير
17 ديسمبر 2014