يذكر أن العالم اينشتاين سئم من إلقاء المحاضرات بعد أن أصبحت الجامعات والجمعيات العلمية تطلبه بكثرة ليشرح لأساتذتها وطلبتها نظرياته، وذات يوم وبينما كان في طريقه إلى المحاضرة شعر سائقه بالضجر والملل الذي أصابه، فقال له: «أعلم أنك مللت هذا الوضع فما رأيك في أن أقدم محاضرة اليوم نيابة عنك؟ فقد استمعت إلى محاضراتك عشرات المرات حتى حفظتها وعرفت النظرية النسبية وما يطرح عليك من أسئلة، كذلك فإن شعري منكوش ومنتف كشعرك بالإضافة إلى الشبه بيني وبينك».فأعجب أينشتاين بالفكرة وتبادلا الملابس، وعند وصولهما إلى قاعة المحاضرات وقف السائق بصفته أينشتاين على المنصة، وجلس العالم العبقري ببدلة السائق على أحد المقاعد في الصفوف الخلفية مستمعاً، وسارت المحاضرة على أحسن ما يرام، حتى جاءت اللحظة التي وقف فيها بروفيسور مغرور وطرح سؤالاً من العيار الثقيل على المحاضر رغبة منه في إحراج أينشتاين الذي ذاع صيته، فتبسم السائق، قائلاً للبروفيسور: «سؤالك هذا ساذج لدرجة أني لن أرد عليه وسأجعل سائقي الجالس في الخلف يرد عليه»، عندها وقف أينشتاين ببدلة السائق ورد عليه رداً جعله يتضاءل خجلاً.قصة ينطبق عليها المثل القائل «تلميذ الأستاذ.. أستاذ ونص»، أي أن التلميذ ربما يفوق أستاذه في سلوكه وطريقة أدائه، وهذا يجعلنا أمام تلاميذ فاقوا أساتذتهم في التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، وعلى الرغم من أن التقرير الذي نشرته مؤخراً لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، والذي تحدث محتواه عن استخدام وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وسائل التعذيب خلال استجواب المعتقلين في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وكل ذلك أصبح من الماضي، خصوصاً في سجون غادرها رجال الـ CIA أو ربما لم يذكرها التقرير أصلاً، كتلك السجون في العراق أمثال سجن أبو غريب وسجن المطار وبوكا، لكن وفق مفهوم «تلميذ الأستاذ.. أستاذ ونص» نجد أن القضية حاضرة في كل يوم، فالأمريكان كان لهم تلاميذ تابعين لأحزاب وميليشيات دخلت العراق على دباباتهم.فأساليب التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي مارسها الأمريكان في التحقيقات شاهد كثير منها عناصر حكومات الاحتلال العراقية لأنهم كان يقدمون الخدمات للأمريكان في هذه السجون والمعتقلات وعمل كثير منهم بصفة جواسيس ووشاة، فعمروا سجون الـ CIA بالأبرياء لأسباب طائفية، كما درب الـ CIA وعناصر الجيش الأمريكي عملاءهم من العراقيين على هذه الأساليب، ولأن هؤلاء أشد حقداً من الأمريكان أصبحت المعتقلات العراقية اليوم صروحاً في عالم الجريمة وانتهاكات حقوق الإنسان، وابتكرت أساليب في التعذيب لم تخطر على بال محاكم التفتيش في الأندلس، وشيدت معتقلات سرية لا يصل إليها أحد، فأصبح كل المعتقلين يترحمون على أيام معتقلات الأمريكان التي انتقدها تقرير الكونغرس بشدة، وصار تلميذ الأستاذ أستاذ ونص.